الدين أحمد بن حجر العسقلاني، وللشيخ أحمد أجازة برواية الكتب الحديثية، وغيرها عن القاضي المذكور.
ولما فرغ من تحصيل ما تيسَّر له من العلوم الظاهرة، وكان إذ ذاك ابن سبع عشرة سنة اشتغل بالتدريس والتصنيف، ومما صنّفه في تلك الأيام رسالة في إثبات النبوة، وأخرى في الردّ على الشيعة الإمامية، وغير ذلك مما أثنى عليه العلماء، وألبسه أبوه خرقة الخلافة.
فلما توفي أبوه عام سبعة وألف ارتحل إلى "دهلي" يريد الحجّ، فقاده قائد توفيق من الله عزّ وجلّ إلى الشيخ الأجلّ رضى الدين عبد الباقي النقشبندى رضي الله عنه، فأخذ عنه الطريقة النقشبندية، واشتغل بها، وتدرّج في أيام معدودات إلى أوج القطبية والفردية، ثم إلى ما شاء الله تعالى، حتى بشرّه الشيخ بحصول رتبة التكميل والترقّي إلى مدارج القرب والنهاية، وثم أجاز له بإرشاد الطالبين، وألبسه خرقة الخلافة، ولم يزل يكرمه، ويجلّه، ويفتخر به، ويثني عليه بما لا يبلغ وصفه.
فرجع إلى "سرهند"، وجلس على مسند الإرشاد، وأخذ في الدرس والإفادة، وكان يدرّس في علوم شتى من الفقه والأصول والكلام والتفسير والحديث والتصوّف.
وربما يشتغل بـ "الهداية"، و"البزدوي"، و "شرح المواقف"، و "البيضاوي"، و "المشكاة"، و "البخاري"، و "العوارف".
وله"مكتوبات" في ثلاثة مجلّدات، وهى الحجج القواطع على تبحّره في العلوم الشرعية، وفيها ما لا يتبادر إلى الأذهان لمن ليس لهم درك في مقامات العرفان، فشدّوا النطاق في خصامه، وسعوا إلى جهانكير بن أكبر سلطان "الهند"، فأمر بإحضار الشيخ، ورضى بجوابه، فعرضوا عليه أن الشيخ ما سجد