للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخلافة العباسية يتلطف معه، ويسأله أن يأتيه بـ "الصحيح"، ويحدثهم به في قصره، فامتنع، وقال لرسوله: قل له: إني لا أذل العلم، ولا أحمله إلى أبواب السلاطين، فإن احتاج إلى شيء منه، فليحضر في مسجدي أو داري، فإن لم يعجبك هذا، فأنت سلطان فامنعني من المجلس ليكون لي عذر عند اللَّه يوم القيامة، فإني لا أكتم العلم.

وروي أنه قال: العلم يؤتى، ولا يأتي، فراسله أن يعقد مجلسا لأولاده، ولا يحضر غيرهم، فامتنع من ذلك أيضًا، وقال: لا يسعني أن أخصّ بالسماع قوما دون قوم.

وروي أنه قال: العلم لا يحل منعه، فحصلت بينهما وحشة، فاستعان الأمير بعلماء "بخارى" عليه، حتى تكلموا في مذهبه، فأمره بالخروج من البلد، فدعا عليهم بقوله: اللهم أرهم ما قصدوني به في أنفسهم وأولادهم وأهاليهم، فكان مجاب الدعوة، فلم يأت شهر حتى ورد أمر الخلافة بأن ينادي على الأمير، فأركب حمارا، فنودي عليه فيها، وحبس إلى أن مات، ولم يبق أحد ممن ساعده إلا وابتلى ببلية شديدة، ولما خرج من "بخارى" كتب إليه أهل "سمرقند" يخطبونه لبلدهم، فسار إليهم، فلما كان بـ "خرتنك" بمعجمة مفتوحة في الأشهر أو فكسورة فراء سكنة ففوقية مفتوحة فنون سكنة فكاف، موضع قريب بـ "سمرقند" على فرسخين، وقيل نجو ثلاثة أيام، بلغه أنه وقع بينهم بسببه فتنة، فقوم يريدون دخوله، وآخرون يكرهونه، وكان له أقرباء بها، فنزل بها، حتى ينجلي الأمر، فأقام أياما، فمرض حتى وجه إليه رسول من أهل "سمرقند"، يلتمسون خروجه إليهم، فأجاب، وتهيأ للكوب، ولبس خفيه، وتعمم، فلما مشى قدر عشرين خطوة إلى الدابة ليركبها، قال: أرسلوني، فقد ضعفت، فأرسلوه، فدعا بدعوات، ثم اضطجع، فقضي عليه، فسال منه عرق كثير، لا يوصف، وما سكن العرق، حتى أدرج في أكفانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>