للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشخص الواحد اثنين، ويحكم بعدم وحدته فهو معذور، ووجود الآفة فيه لا يخرج وحدة الشخص من البداهة، ولا يجعله نظريا، ومعلوم أن ميدان الاستدلال ضيّق واليقين الذي يحصل من طريقة الأدلة متعذّر جدّا، فلا بدّ من تحصيل الإيمان اليقيني من إزالة المرض القلبي، فكما أن السعى في إزالة علة الصفراء للصفراوي لتحصيل اليقين له بحلاوة السكر أهمّ من السعي في إقامة الأدلّه لتحصيل اليقين بحلاوته، فكذلك ما نحن فيه، فإن النفس الأمّارة منكرة بالذات للأحكام الشرعية، وحاكمة بالطبع بنقاضتها، فتحصيل اليقين بهذه الأحكام الصادقة بالأدلة مع وجود إنكار وجدان المستدل متعذّر جدّا، فلا بدّ في تحصيل اليقين من تزكية النفس، وتحصيل اليقين من غير تزكيتها صعب، لآية "قد أفلح من زكّاها، وقد خاب من دسّاها"، فعلم أن منكر هذه الشريعة الباهرة والملّة الطاهرة الظاهرة مثل منكر حلاوة السكر، فالمقصود من السير والسلك وتزكة النفس وتصفية القلب إزالة الآفات المعنوية والأمراض القلبية، كما قال تعالى: "في قلوبهم مرض"، حتى يتحقّق بحقيقة الإيمان، فإن وجد إيمان مع وجود هذه الآفات فهو بحسب الصورة فقط، فإن وجدان الأمارة حكمة بخلافه، ومصرّة على حقيقة كفرها، ومثل هذا الإيمان والتصديق الصوري مثل إيمان الصفراوي بحلاوة السكّر، فإن وجدانه شاهد بخلافه، فكما أنه لا يحصل اليقين الحقيقى بحلاوة السكر إلا بعد إزالة مرض الصفراوي فكذلك لا تحصل حقيقة الإيمان إلا بعد تزكية النفس والاطمئنان، وحينئذ يكون وجدانيا، وهذا القسم من الإيمان محفوظ من الزوال، "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون" صادق في شأنهم، شرّفنا الله تعالى بشرف هذا الإيمان الكامل الحقيقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>