التوحيد الشهودي: عبارة عن رؤية واحد: أي أن لا يكون شهود السالك إلا فردا أحدا، والتوحيد الوجودي عبارة عن اعتقاد وجود واحد، وفناء كلّ ما سواه وعدمه.
ثم يقول:
"مثل أن يطمئنّ قلب إنسان على وجود الشمس، فلا يستلزم استيلاء هذا اليقين أن يعتقد عدم النجوم وفناءها، ولكن هو عند ما رأي الشمس، ولا يرى النجوم، فإنه مشهوده -حينئذ- ليس إلا الشمس، ولكن رغم ذلك لا يعتقد أن النجوم فانية معدومة، بل يكون على يقين من أنها مختفية ومغلوبة بضوء الشمس وشعاعه.
وهكذا حقّق الإمام السرهندي، وأثبت "أن وحدة الوجود" مقام يعرض للسالك خلال السلوك، فيشاهد -عند ذلك- عيانا وجهارا، أنه لا وجود هناك إلا لواجب الوجود، وكلّ ما يراه الإنسان من وجود، فهو وجود واحد، ما سواه فليس إلا تنوّعاته وتلويثاته في تعبير المتذوقّين لهذا المشرب الوجودي، تنزلاته".
ولكن لو خالف التوفيق الربّاني، ورافق الهدى النبوي، وكان السالك صاحب طموح وعلوّ همّة، فإنه يفوز بمقام آخر، وهو مقام وحدة الشهود.
وقال في وجود الحق وفي نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم وما جاء به:
اعلم أن وجود الحق تعالى وكذا وحدته بل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بل جميع ما جاء به من عند الله تعالى لا يحتاج إلى فكر ولا دليل، والنظر والفكر فيها ما دامت العلة موجودة والآفة ثابتة، وبعد النجاة من مرض القلب ودفع الغشاوة البشرية لا يبقى غير البداهة، مثلا الصفراوي ما دام مبتلى بعلّة الصفراء فحلاوة السكر عنده تحتاج إلى دليل، والأحول يرى