البالغة"، وقد قال ولده عبد العزيز في كتابه إلى أمير حيدر البلغرامي: وكتاب "حجة الله البالغة" التى هى عمدة تصانيفه في علم أسرار الحديث، ولم يتكلّم في هذا العلم أحد قبله على هذا الوجه من تأصيل الأصول، وتفريع الفروع، وتمهيد المقدّمات، والمبادئ، واستنتاج المقاصد منها إلى المجلس والنادى، وإنما يستنشم نفحات قليلة من هذا العلم في كتاب "إحياء العلوم" للغزالي، وكتاب "القواعد الكبرى" للشيخ عزّ الدين بن عبد السّلام المقدسى، وربما يوجد بعض فوائد هذا العلم فى مواضع من "الفتوحات المكّية" للشيخ الأكبر، و"الكبريت الأحمر" للشيخ ابن عربي، وكذا مؤلّفات تلميذه الشيخ الكبير صدر الدين القونوي -قدّس سرّهما- وقد جمهما الشيخ عبد الوهّاب الشعراني في كتاب "الميزان"، انتهى.
وليس على الله بمستنكَر … أن يجمع العالَم في واحد (١).
[ومن نعم الله تعالى عليه]
أن أولاه خلعة الفاتحية، وألهمه الجمع بين الفقه والحديث وأسرار السنن ومصالح الأحكام وسائر ما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلّم- من ربّه عزّ وجلّ، حتى أثبت عقائد أهل السنّة بالأدلّة والحجج، وطهّرها من قذى أهل المعقول، وأعطى علم الإبداع والخلق والتدبير والتدلّي مع طول وعرض، وعلم استعداد النفوس الإنسانية لجميعها، وأفيض عليه الحكمة العملية، وتوفيق
(١) ويراجع للتفصيل الباب السابع من كتاب الإمام الدهلوي، الجزء الرابع من رجال الفكر والدعوة في الإسلام، لابن المؤلّف أبي الحسن علي الندوي، بعنوان عرض الشريعة الإسلامية عرضا مبرهنا متسقا، والكشف عن مقاصد الحجّة وأسراره، في ضوء حجة الله البالغة، ص (١٦٧ - ١٩١)، طبع دار القلم، الكويت، الطبعة الأولى