للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دروسه وسائر ما يشغله من شأنه، فلمّا وقف على كثير منها قالِ بمحضر من الناس: إن الذي صنّف هذا الكتاب لبحر زخّار، لا يرى له ساحل، هذا وليس يقع فيه إلا جاهل غبي من الجهّال، لا يرجى أن يستطب ما به من دائه العضال أو حاسد يحسده على ما أكرمه الله تعالى به من علية الخصال وجلية سجايا الشرف والكمال:

حسدوك إذ رأوك آثرك … الله بما قد فضلت النجباء.

وقد حكي عن المفتي عناية أحمد الكاكوروي أنه كان يقول: إن الشيخ ولي الله مثله كمثل شجرة طوبى، أصلها في بيته، وفرعها في كلّ بيت من بيوت المسلمين، فما من بيت ولا مكان من بيوت المسلمين، وأمكنتهم إلا وفيه فرع من تلك الشجرة، لا يعرف غالبُ الناس أين أصلها.

وقال السيّد صدّيق حسن القنوجى في "الحطّة بذكر الصحاح الستة" في ذكر من جاء بعلم الحديث في "الهند": ثم جاء الله -سبحانه وتعالى- من بعدهم بالشيخ الأجلّ والمحدّث الأكمل ناطق هذه الدورة وحكيمها، وفائق تلك الطبقة وزعيمها، الشيخ ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي، المتوفى سنة ستّ وسبعين ومائة وألف، وكذا بأولاده الأمجاد وأولاده أولاده أولي الإرشاد، المشمّرين هذا العلم عن ساق الجدّ والاجتهاد، فعاد لهم علم الحديث غضّا طريا، بعد ما كان شيئا فريا، وقد نفع الله بهم وبعلومهم كثيرا من عباده المؤمنين، ونفى بسعيهم المشكور من فتن الإشراك والبدع ومحدثات الأمور في الدين، ما ليس يخاف على أحد من العالمين، فهؤلاء الكرام قد رجّحوا علم السنّة على غيرها من العلوم، وجعلوا الفقه كالتابع له والمحكوم، وجاء تحديثهم حيث يرتضيه أهل الرواية، ويبغيه أصحاب الدراية، شهدت بذلك كتبهم وفتاويهم، ونطقت به زبرهم ووصاياهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>