فوجم أبي الحسن بن أبي عمرو من ذلك، وقال: تشير علينا بإنسان، ثم تشير عليه أن لا يفعل!!.
قلتُ: نعم، إمامي في ذلك مالك بن أنس، أشارَ على أهل "المدينة" أن يُقَدِّمُوا نافعًا القارئ مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأشارَ على نافع أن لا يفعل، فقيل له في ذلك، فقال: أشرتُ عليكم بنافع؛ لأني لا أعرف مثله، وأشرتُ عليه أن لا يفعل؛ لأنه يحصل له أعداء وحسّاد.
فكذلك أنا أشرتُ عليكم به؛ لأني لا أعرف مثلَه، وأشرتُ عليه أن لا يفعل؛ لأنه أسلم لدينه.
قال الصَّيْمَري: استقرّ التدريس بـ "بغداد" لأبي بكر الرازيّ، وانتهت الرحلة إليه، وكان على طريقه من تقدمه في الورع، والزهد، والصيانة.
ودخل "بغداد" سنة خمس وعشرين، ودرّس على الكرخيّ، ثم خرج إلى "الأهواز"، ثم عاد إلى "بغداد"، ثم خرج إلى "نيسابور" مع الحكم النيسابوريّ، برأي شيخه أبي الحسن الكرخيّ ومشورته، فمات الكرخيّ، وهو بـ "نيسابور"، ثم عاد إلى "بغداد"، سنة أربع وأربعين وثلاثمائة.
تفقّه عليه أبو بكر أحمد بن موسى الخوارزميّ، وأبو عبد الله محمد بن يحيى الجرجانيّ، شيخ القدوريّ، وأبو الفرج أحمد بن محمد بن عمر المعروف بابن المسلمة، وأبو جعفر محمد ابن أحمد النسفيّ، وأبو الحسين محمد بن أحمد بن أحمد الزعفرانيّ، وأبو الحسين محمد بن أحمد ابن الطيّب الكماريّ، والد إسماعيل قاضي "واسط".
قال الخطيب: لأبي بكر تصانيف كثيرة مشهورة، ضمنها أحاديث، رواها عن أبي العبِّاس الأصمّ النيسابوريّ، وعبد الله بن جعفر بن فارس الأصبهانيّ، وعبد الباقي بن قانع القاضي، وسليمان بن أحمد الطبرانيّ، وغيرهم.