الحوادث، والتفرّس من الوجوه، وقد وقع له مع أهل عصره قلاقل وزلازل، وصار أمرُه في حياته أحدوثة، وجرتْ فتن عديدة.
والناس قسمان في شأنه: فبعض منهم مقصّر به عن المقدار الذي يستحقّه، بل يريعه بالعظائم، وبعض آخر يبالغ في وصفه، ويجاوز به الحدّ، ويلقّبه بالمجدّد الأعظم والمجتهد الأكبر، ويتعصّب له كما يتعصبّ القسم الأول عليه، وهذه قاعدة مطّردة في كلّ من يفوق أهل عصره في أمر.
وهو ما بلغ رتبة العلماء، بل قصارى أمره إدلاجه في الفضلاء، وهو ما أتقن فنا، وتصانيفه شاهدة بما قلتُه، فإن رأيت مصنّفاته علمتَ أنه كان كبير العقل، قليل العلم، ومع ذلك كان سامحه الله تعالى قليل العمل، لا يصلّى، ولا يصوم غالبا.
وشأنه عجيب كلّ العجب، فإنه كان في بداية أمره على مذهب المشايخ النقشبندية، لأنه نشأ فيهم، وكان والده محمد المتّقي من أصحاب الشيخ غلام على الدهلوي، وأمّه عزيز النساء بنت فريد الدين الكشميري الوزير، كانت بايعت السيّد الإمام المجاهد السيّد أحمد الشهيد السعيد البريلوي، فصنّف الرسائل في إثبات الرابطة، وتصوّر الشيخ، وفي إثبات عمل المولد، وكان الناس يبدعونه في ذلك الحال، ثم رغب إلى طائفة السيّد الإمام ومختاراته، وصنّف الرسائل في الانتصار له، فنسبه الناس إلى الوهّابية، ثم ارتقى إلى ذروة التحقيق والاجتهاد في المذهب، وصدرتْ منه الأقاويل في تفسير القرآن الكريم، وفي تهذيب الأخلاق، فكفّره الناس، وبعضهم بدعوه، ونسبوه إلى نيجر، وهي كلمة إنكليزية، معناه الفطرة، لقوله: الإسلام هو الفطرة، الفطرة هى الإسلام.