للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما الصبي والمجنون، فلا يلزمان؛ لأن التعليل واقع، لكونهما محلا لوقوع الطلاق، ويجوز أن يلحقهما الطلاق، وليس التعليل للوجوب، فيلزم عليه المجنون والصبي.

وهذا كما يقال: إن القتل علّة إيجاب القصاص، ثم نحن نعلم أن الصبي لا يستوفى منه القصاص حتى يبلغ، وامتناع استيفائه من الصبي والمجنون لا يدلّ على أن القتل ليس بعلّة لإيجاب القصاص.

كذلك ههنا، يجب أن تكون العلّة في الرجعية كونها زوجة، وإن كان لا يلحقها الطلاق من جهة الصبي؛ لأن هذا إن لزمني على اعتبار الزوجية، لزمك على اعتبار الاعتداد؛ لأنك جعلت العلّة في وقوع الطلاق كونها معتدّة، وهذا المعنى موجود في حق الصبي والمجنون، فلا ينفذ طلاقهما، ثم لا يدلّ (١) ذلك أن ذلك ليس بعلّة، وكلّ جواب له عن الصبي والمجنون في اعتباره العدّة فهو جوابنا في اعتبار الزوجيّة.

وأما علة الفرع، فصحيحة أيضًا، وإنكارك لها لا يصحّ، لما ثبت أن من أصلك أن الطلاق لا يفيد أكثر من نقصان العدد، والذي يدلّ عليه جواز وطء الزوجة (٢)، وما زعمت من أن الرجعة تصحّ منه بالمباشرة غلط؛ لأنه لا يبتدئ بمباشرتها وهي أجنبية، فكان يجب أن يكون ذلك محرمًا، ويكون تحريمه تحريم الزنا، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "العينان تزنيان، واليدان تزنيان، ويُصدِّق ذلك الفرج"، ولما قُلتُم: إنه يجوز أن يقدم على مباشرتها. دلّ على أنها باقية على الزوجيّة.


(١) بعد هذا في الأصول زيادة "على"، والمثبت في طبقات الشافعية.
(٢) انظر: طبقات الشافعية ٥: ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>