وقال ابن عساكر: قرأتُ على أبي محمد السلمي، عن عبد العزيز بن أحمد، قال: قرأتُ على أبي الحسين علي بن موسى بن الحسين السمسار، قال: قال لنا أبو سليمان بن زبر، قال: قال لي أبو جعفر الطحاوي: أول من كتبتُ عنه الحديثَ المزني، وأخذتُ بقول الشافعي، فلمّا كان بعد سنين قدم أحمد بن أبي عمران، قاضيا على "مصر"، فصحبتُه، وأخذتُ بقوله. وكان يتفقّه للكوفيين. وتركتُ قولي الأول، قرأيتُ المزني في المنام، وهو يقول لي: يا أبا جعفر! اغتصبك أبو جعفر، يا أبا جعفر اغتصبك أبو جعفر، وليس في هذا حلف.
وقال أبو يعلى الخليلي في "الإرشاد" عن محمد بن أحمد الشروطي، أنه قال للطحاوي: لم خالفتَ مذهب خالك؟ واخترتَ مذهبَ أبي حنيفة، فقال لأني: كنتُ أرى خالي يديم النظرَ في كتب أبي حنيفة، فلذلك انتقلتُ إليه، هكذا في نقل البدر العيني، وابن خلّكان، يعني فبدأتُ أديم النظرَ فيها، فاجتذبتني إلى المذهب، كما حملت تلك الكتب خالي على الانحياز إلى أبي حنيفة في كثير من المسائل، كما يظهر من "مختصر المزني"، ومخالفاته للشافعي فيه في كثير من المسائل، وقول الطحاوي نفسه في سبب انتقاله هو الجدير بالتعويل.
وباقى الحكايات لا تخلو من مأخذ سندا ومتنا، كما سبق، فليأخذ القارئ بما يطمئنّ إليه بعد الإلمام بأطراف هذا الحديث، ومما يلاحظ هنا أنّ ابن أبي عمران الذي يقال: إن الطحاوي انتقل إلى مجلسه، تاركا مجلس خاله، إنما ولي قضاء "مصر" بعد القاضي بكّار (١).
(١) قال ابن خلكان: كان أحمد بن طولون يدفع إلى القاضي بكّار في العام ألف دينار سوى المقرّر له، فيتركها بكّار يختمها، ولا يتصرّف فيها، فلمّا دعاه ابن طولون فخلع الموفّق من ولاية العهد امتنع، فاعتقله، وطالبه بحمل الذهب، فحمله إليه بحتومه. =