واحتجاج بعضهم على بعض، وإقامة الحجّة لمن صحّ عندي قوله منهم بما يصحّ به مثله، من كتاب أو سنّة أو إجماع أو تواتر، من أقاويل الصحابة أو تابعيهم. وأني نظرتُ في ذلك، وبحثتُ عنه بحثا شديدا، فاستخرجتُ منه أبوابا على النحو الذي سأل، وجعلتُ ذلك كتابا ذكرتُ في كلّ كتاب منها جنسا من تلك الأجناس، فبهذا تعلم بمبلغ ثقل ما قام بحمله الطحاوي، وعظيم مقدار عمله، -رضي الله عنه، وأرضاه-.
ومن مؤلّفات الطحاوي أيضا:"بيان مشكل الحديث" المعروف بـ "مشكل الآثار" في نفي التضادّ عن الأحاديث واستخراج الأحكام منها. وهو من محفوظات مكتبة فيض الله شيخ الإسلام في "إستانبول" تحت أرقام (٢٧٣ - ٢٧٩) في سبعة مجلّدات ضخام. وهي نسخة صحيحة مقروءة، من رواية أبي القاسم هشام بن محمد بن أبي خليفة الرعيني عن الطحاوي، قابلها، وصحّحها ابن السابق المترجم له في "الضوء اللامع". وللقسم المطبوع منه في "حيدر آباد" في أربعة أجزاء، ربما لا يكون نصف الكتاب على سقم الطبع، ومن اطّلع على "اختلاف الحديث" للإمام الشافعي رضي الله عنه، و "مختلف الحديث" لابن قتيبة.
ثم اطّلع على كتاب الطحاوي هذا يزداد إجلالا له، ومعرفة لمقداره العظيم، وكم كنا نود لو طبع بـ "مصر" تمام الكتاب من النسخة المذكورة، وقد اختصر أبو الوليد بن رشد الجدّ "كتاب مشكل الآثار" مع بعض اعتراضات منه عليه، واختصاره محفوظ بدار الكتب المصرية، واختصر هذا المختصر قاضي القضاة جميل الدين يوسف بن موسى الملطي من