هذه نبذة من آثاره العلمية في طلابه وتلاميذه الآخذين عنه.
أما آثاره القلمية، فهي أثر وحيد فريد، وهو "شرح قواعد مجلّة الأحكام العدلية" الذي سبقت الإشارة إليه بإيجاز، وهنا أوسِع الكلام عنه بعض الشيئ.
قد أسلفت أن الشيخ كان أستاذ مادة (القواعد الفقهية)، وأنه درّسها نحو عشرين سنة، وألّف هذا الكتاب في ظلّ تدريس تلك القواعد المائة، التي صُدِّرَتْ بها "مجلة الأحكام العدلية"، فيمكن أن يقال في هذا الكتاب إن الشيخ ألّفه في نحو عشرين سنة، فقد كان يتعهده دائما بالإضافة والتحرير والتنظيم والتحقيق، حتي غدا لبابا كلّه، وصار عنده بمنزلة ولد من أولاده.
وقديما قالوا في شأن التحذير من نقد الكتب:(خف من صاحب الكتاب الواحد). وذلك لأنه يتفرّغ، ويمحّصه، ويشذِّبه، وينقّحه، ويكرّر النظر فيه، فتقلّ فَجَوَاته، وتندُر فَرَطَاته، وتزداد متانته وحسناته، وكان "شرح القواعد" هذا، هو الكتاب الواحد لهذا الجِهْبِذ الفقيه النقَّاد.
ولذا جاء فريدا في مضمونه، متميّزا بمزايا لا توجد في غيره من شروح "قواعد المجلة"، التي قام بها أفذاذ قبله، مشهود لهم بالعلم والفقه والتحقيق، مثل العلامة الفقيه الشيخ علي حيدر "التركي"، والعلامة الفقيه الشيخ خالد الأتاسي مفتي "حمص" من "بلاد الشام"، والأستاذ الفقيه البارع سليم الباز المسيحي اللبناني، وغيرهم.
وقد كان الشيخ رحمه الله تعالى متأخّرا عن هؤلاء الأفذاذ الفقهاء في الزمن وجودا، ومطّلعا على شروحهم وتحقيقاتهم، وكان يدرّس هذه القواعد السنين الطوال لنبغاء الطلبة، وكان كثير المطالعة في مطوّلات كتب الفقه للمتقدّمين والمتأخّرين، من مخطوطات الكتب ومطبوعاتها، فكان كلّما مرّ به