وقد أمليته على بعض من الأصحاب مع كلال البصر، وكمال الحصر، وقلة الفطن، وضيق العطن، ووقوعي في زاوية الخمول والنسيان، والانقطاع عن الإخوان والخلان، والحمد لله على كل حال، وله الشكر على الإنعام والإفضال.
وقد فرغت من إملائه يوم السبت آخر شهر رمضان المبارك في تاريخ سنة خمس وستين وتسعمائة بمدينة "قسطنطينية" المحميّة، حماها الله تعالى في ظلّ واليها عن الآفات والبلية، وحفّها بالميامن البهية والبركات السنية.
والحمد لله أولا وآخرا وباطنا وظاهرا، والصلاة على نبيه محمد وآله وصحبه متوافرا متكاثرا، ورضي الله سبحانه وتعالى عنا وعن العلماء العاملين والمشايخ الزاهدين والفقراء القانعين، ورحم الله تعالى أسلافنا، وأبقى بمنّه أخلافنا، إنه الحنّان المنّان ذو المنّ والإحسان، ورضي الله تعالى عن الأصحاب والأحباب الذين اجتهدوا في جمع هذا الكتاب، وعن كافّة المسلمين أجمعين بحرمة نبيه محمد الأمين وآله وصحبه الأكرمين، ولنختم الكلام ببعض من جوامع الأدعية المروية عن سيد الأنام عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام.
اللّهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصيبات الدنيا، ومتّعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلّط علينا من لا يرحمنا، ربّ تقبل توبتي، واغسل حوبتي، واجب دعوتي، وثبّت حجتي، وسدّد لساني، واهد قلبي، واسلل سخيمة صدري، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.