والمعرفة والتقوى، ومنهَلا عذبا من مناهل العلم والدين، قد صدر منه ألوف من الرجال بعلم غزير، وخبرة واسعة، ونظر عميق، وعمل صالح، وتصلّب ديني، ومذاق سليم في الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله.
فدخل رحمه الله هذه الدار المباكة، وتلقّى جميع العلوم العربية والأدبية، والعقلية والنقلية، لدى أساتذة (١)، قد جدّدوا ذكريات القدماء في سعة اطلاعهم وجودة إتقانهم، مثل الإمام المجاهد الكبير الشيخ محمود الحسن الديوبندي، الذي لقّب بـ "شيخ الهند" لمكانته الرفيعة في العلم والتّقوى، ولجهوده البنّاءة المتواصلة في سبيل تحرير "الهند" من أيدي الاستعمار الإنكليزي الغاشم، ومثل مولانا العارف المحقّق الشيخ محمد يعقوب النانوتوي، الذي عرف ببراعته في جميع العلوم والفنون، واشتغاله بالذكر والطاعات، ومثل الإمام الفيلسوف مولانا الشيخ محمد قاسم النانوتوي، مؤسِّس دار العلوم بـ "ديوبند"، الذي طارَ صيتُه في دقّة نظره وعمق فكره، ومؤلّفاته البديعة في علم الكلام والعقائد والفقه والحديث، ومثل مولانا الشيخ سيّد أحمد الدهلوي، الذي بلغ في العلوم العقلية الذروة، وكان قد نبغ في العلوم الرياضية بمجرّد المطالعة من غير أن يدرسها عند أستاذ.
(١) قال الشيخ عبد الحي الحسني: وقرأ الشيخ التهانوي المختصرات على مولانا فتح محمد التهانوي، والمولوي منفعت علي الديوبندي، وقرأ أكثر كتب المنطق والحكمة وبعض الفقه والأصول على مولانا محمود حسن الديوبندي المحدّث، وأكثر كتب الفقه والأصول وبعض الحديث على مولانا محمود، والفنون الرياضية والمواريث على شيخنا السيّد أحمد الدهلوي، والحديث والتفسير على مولانا يعقوب بن مملوك العلي النانوتوي: كلها في المدرسة العالية بـ "ديوبيد".