يكون ذلك سببا لسوء الظنّ بالمدرسة، بأنها تخرج أمثالنا من الذين لا علم عندهم.
ولكن أجاب الشيخ النانوتوي إنما تزعمون ذلك لأنكم فيما بين أحضان الأساتذة، فلا ترون علمكم شيئًا أمام هؤلاء، وأشهد أنكم كما خرجتم من هذه المدرسة، عرف قدركم إن شاء الله، كنتم أنتم المبرّزين في ميدان العلم، لا يشقّ لكم غبار.
وصدق قوله رحمه الله، حتى صار حكيم الأمة التهانوي قدّس سرّه أكبر مرجع للعلماء والعامة، وأعظم مركز للعلم والدين، وقد شهد العلماء في ذلك الوقت بأنه وحيد عصره في العلم والتقوى، لا يجارى فيه، ولا يبارى.
تدريسه.
كان في "كانبور" مدرسة شهيرة تسمّى "الفيض العام"، يدرّس فيها مولانا الشيخ أحمد حسن الأمروهوي، وكان أستاذا متفوّقا، طار صيته في جميع العلوم، ولاسيّما في العلوم العقلية، وقد واجهه بعض ما يكره من قبل أصحاب المدرسة، فاستقال عن التدريس فيها، وأسّس مدرسة أخرى.
فطلب أصحاب مدرسة "الفيض العام" من علماء "ديوبند" أن يبعثوا إليهم أستاذا، وكان الشيخ التهانوي قد تخرّج من "دار العلوم" في تلك السنة، فاختاره أساتذته لإجابة دعوتهم، فتحوّل رحمه الله إلى "كانبور" في شهر صفر سنة ١٣٠٠ هـ، وهكذا صار بداية خروجه لإفادة الناس في مطلع القرن الرابع عشر، ومن هنا اعتبره بعض العلماء مجدّد هذا القرن في الديار الهندية.
وبالجملة، فقد اشتغل رحمه الله في "كانبور" بالتدريس والدعوة والإرشاد والتأليف، وسرعان ما اشتهر فيما بين الطلبة بغزير علمه وحسن تدريسه وقوّة