للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويشرح لهم دقائقها، ويلفت أنظارهم إلى أمراضهم النفسية، ويبيّن لهم طريق التخلّص منها.

وكان لهذا الخانقاه نظام محكم في كلّ شيء، لا يستطيع أحد أن يخالفه، وكان هذا النظام نفسه مثالا حيّا لآداب المعاشرة الإسلامية يحضّ المرء على أن ينظّم حياته، ويضبط أوقاته، ويعني بأداء الحقوق والاحتراز عن إيذاء الآخرين.

حتى صارت هذه الزاوية مصنعا كبيرا، يصنع فيه الرجال، وتصاغ فيه الأخلاق الحسنة والآداب الصالحة، ولو شرّحنا هذه الأخلاق والآداب التي كان يلتزمها الشيخ ويدرّب عليها غيره لطال بها الكلام، ولكنّنا نودّ أن نورد للقارئ الكريم بعض الأمثلة من سيرته وعادته، حتى يتّضح هذا الموضوع بعض الاتضاح:

كان رحمه الله كلّما احتاج إلى أن يكلّم أحدا أو يأمره بأمر، لم يطلبه إلى نفسه أبدا، بل مشى إليه بنفسه، سواء كان تلميذه أو مسترشده أو من صغار أقاربه، وكان يقول: الواجب أن يذهب المحتاج إلى المحتاج إليه، ولا يعكس الأمر، وكان طبيب من الأطبّاء الحكيم محمد هاشم من أصحابه، وخلص مسترشديه يتردّد إليه كثيرًا، ولكن الشيخ كلّما احتاج إلى أن يصف له بعض أحوال مرضه ذهب إليه بنفسه ما لم يتعذّر ذلك لمرضه (١).

كان لا يأمر خادما من خدّامه بأمرين معا، وإنما كان يأمره بأمر، ثم يأمره بآخر بعد فراغه من الأول، وكان يقول: إني أفعل ذلك لئلا يثقل على الخادم حفظ الأمر الثاني، فاحتمل مشقّة الحفظ بنفسي، ولا أكلّف بها الخادم.


(١) انظر: أشرف السوانح: ٢: ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>