الصداع الحادة، الذي زادتْ حدّته عليه، وبرغم أن الشيخ كان نحيف البدن، لكن حالته الصحية بدأتْ تتدهور، حتى بلغ الأمر به أن لا يستطيع أن يسجد في الصلاة، فمنعه معالجه الطبيب من شرب الماء كأسلوب وقائي، وهذا أمر شاق وعسير على أيّ إنسان، ولكن الشيخ محمد إلياس لم يشربْ الماء قط، زهاء سبع سنوات متتالية، وإنما كان يستعمل سوائل أخرى، عوضا عن الماء.
وحينما انتهتْ مرحلة الوقاية، استمرّ الشيخ لا يشرب الماء إلا قليلا، وظلّتْ هذه الحالة مدّة بلغتْ خمس سنوات بعد السبع الأولى، ولكن سيطرَت على فكره هواجس الحرمان من تحصيل العلم، لأن شيوخ الأسرة وأساتذته يصرّون على ضرورة أن يستريح، وألا يشتغل بالتعليم، حيث إنه لا يتحمّل مشاقّ الدراسة، لأنه إذا تحسنّت صحته فالخوف أن يعاوده نفس المرض، نظرا لما تحتاج إليه الدراسة من جهد وتفكير، مما اضطرّ الشيخ محمد يحيى إلى منعه من التعليم منعا باتا، نظرا لحالته الصحية المتدهورة، ولكن الشيخ محمد إلياس أصرّ على مواصلة تحصيل العلم والمعرفة، موقنا أن الحياة لا طائلَ منها بدون العلم، وبذل كلّ جهده ليبدأ التعليم، ويفرغ من الكتب المتبقّية له من المنهج الدراسي، ووصل الخلاف غايته بينه وبين أخيه وأساتذته، إلى أن سأله أخوه يوما: ماذا ستعمل بالتعليم والعلم؟ فردّ عليه الشيخ محمد إلياس قائلا: وما قيمة الحياة بدون العلم؟!.
وبعد أن تحسنّتْ حالة الشيخ محمد إلياس الصحية استأنف رحلاته العلمية مرّة أخرى، برغم هزال جسده، ليقينه أن الحياة لا جدوى منها بدون العلم، كما أنه لا قيمة للعلم بدون العمل.