هو أساس كلّ شخصية علمية، والتي إذا بنيت على قواعد سلمية لاستفاد بها العالم أجمع، حيث يستخدم هذا العلم للبناء والتعمير على أسس قوية راسخة لصالح الإنسانية.
كان الشيخ محمد يحيى أخا كبيرا للشيخ محمد إلياس، فتولّى تربيته في حياة أبيه وبعد وفاته، حيث لم يفارقه أبدا، واستمرّت تلك التربية العلمية والعملية على تلك الأساليب المحكمة، وحينما رجع الشيخ محمد إلياس من حجّ بيت الله الحرام في ربيع الثاني عام ١٣٣٣ هـ، وكان أخوه محمد يحيى قد توفي إلى رحمة الله أحسّ الشيخ محمد إلياس بصدمة شديدة، ونكبة مفزعة هائلة في حياته، لأنه حرم من التربية والإشراف، حيث افترق عن رفيق العمر والمعلّم والمربي والأستاذ الذي فارقه، ولكن كان قد بلغ أوج المعرفة في العلوم النقلية والعقلية في هذه الفترة من العمر، وصار مثالا ونبراسا، يحتذي به في الورع والزهد والتقوى، حتى عيّن أستاذا في جامعة مظاهر العلوم بمدنية "سهارنفور"، وكان أخوه الشيخ محمد يحيى يرافقه، ويشرف عليه، حتى ذلك الحين.
ومن هنا نرى أن الشيخ محمد يحيى ترك لنا أروع نماذج التربية في الأخوة، حيث يتسابق الناس في تربية أبنائهم، ولكنه اهتمّ بتربية أخيه أكثر من عناية الإنسان بأولاده، وذلك لأنه الشيخ محمد إلياس قرأ معظم الكتب على يد غيره من الأستاذ مرّة أخرى، وبعد ما تخرّج محمد إلياس قرأ معظم الكتب على يد أخيه، الذي كان يحثّه على استيعاب الكتب الدراسيّة، درسها على يد غيره من الأستاذ مرّة أخرى، وبعد ما تخرّج إلياس من مدارس العلم الدينية، بدأ أخوه يشرح له مرّة أخرى نفس الكتب، التي قرأها من قبل، وأكمل له دراسة الكتب المتبقّية، وكان الدرس يستمرّ طوال الليل والنهار، إلا قليلا من الراحة.