قام بالتدريس نحو ٥٥ عامًا بالقياس إلى العام الميلادي، و ٥٧ سنة بالنسبة إلى السنة الهجريّة؛ حيث عُيِّن مدرسًا بالجامعة عام ١٣٧٢ هـ/ ١٩٥٣ م. ولقد استوعب تدريسًا جميعَ الكتب المِدْرَجَة ضمنَ المقَرَّرَات الدراسيَّة، التي يتضمَّنُها المنهجُ الدراسيُّ المتَّبَع لدى الجامعة الإسلاميّة العريقة "دار العلوم ديوبند" التي تقود الجامعات والمعاهد الإسلاميَّة الأهليَّة في شبه القارة الهنديَّة. تحلّتْ خلال تدريسه لها مقدرتُه البيانيَّة، وأهليَّتُه التفهيميَّة والنقّاشيّة، ودراستُه المتَأَنِّيَة العميقة الواسعة، وقوةُ ذاكرته اللَّاقطة، وتفنُّنه في الشرح والإيضاح، وتأصيلُه لمنهجيّة دارالعلوم ديوبند في نشر علوم الكتاب والسنّة في بعد عن كلّ ما من شأنه أن يُصَنَّف ضمنَ الادعائيّة والقوّاليّة المجَرَّدَة من الفعَّاليَّة، وانتهاجُه الأسلوبَ الأنجعَ الأمثلَ في طرح الموادِّ، التي كان يريد إرسالَها إلى أفهام الطلاب.
ولكنّه منذ عشرات السنين تَفَرَّغَ لتدريس مادّة الحديث الشريف، ولا سيّما "صحيح البخاريّ"، و "جامع الترمذيّ". وقد تحلّتْ في تدريس هذه المادة خصِّيصًا عبقريّتُه، التي تَوَارَثَها عن والده العظيم العلّامة أنور شاه الكشميريّ (١٢٩٢ - ١٣٥٢ هـ = ١٨٧٥ - ١٩٣٣ م) شيخ الحديث الأسبق بدارالعلوم ديوبند الذي دَرَجَ أكبرَ محدّث في شبه القارة الهنديّة في عصره، وأكبرَ محدّث أنجبتْه دارالعلوم ديوبند، وأَجْمَع علماءُ العرب والعجم على علوّ کعبه، وجلالة قدره، لا في فنّ الحديث وحده؛ بل في مُعْظَم العلوم الإسلاميّة، وعلى رأسها التفسيرُ والحديث والفقهُ وعلومُهما.
فكان أنظر شاه الكشميري يشبه أباه في بعض النواحي - لا في كلّها - فكان يَصْدُرُ في تدريس الحديث عن التحقيق المُشْبِع، والدراسة الوافية، والتدقيق المُقْنِع، ويثير خلالَ التدريس نقاطًا عجيبةً، قد لا يتبادر إليها أذهانُ