تَذُقْه، فإن من لم يذقْ لم يدْرِ، وكان الشيخ رحمه الله يقول: إنه ليس أصوليا نظّارا في علماء المذاهب الأربعة مثل المحقّق ابن الهمام، وكتابه "التحرير" في أصول الفقه من أصعب كتب الأصول.
٢ - اختلف علماء "كشمير" في جواب مسألة، وأفتوا بعضهم خلاف بعض، وكان من حسن الاتفاق أن وَرَدَ الشيخُ رحمه الله بـ "كشمير" فحضر الفريقان منهم لزيارته، ثم الفصل في تلك المعضَلة التي تَشَتَّتَتْ فيها آراؤهم، وعرض كلا الفريقين فتاواهما مكتوبة في حضرته، فأمرني الشيخ رحمه الله بتحرير الجواب بعد ما فصَّل لي الأمرَ، ونقَّح، ووضَّح.
وكان فريق منهم استدلّوا لفتواهم بعبارة كانوا يأثرونها عن "الفتاوى العمادية" المخطوطة، فقال لي الشيخ رحمه الله: واكتب فيه: إني قد طالعتُ "الفتاوى العمادية" بنسخة مخطوطة صحيحة في مكتبة دار العلوم الديوبندية، فليس فيها هذه العبارة قط، فكتب ذلك، فتحيّر الناظرون، وبُهِتَ المستدلّون بها.
وأمثال هذه الواقعة أكثر من أن يحصر ويستقصي، ولو أردنا استيعابها لأعيانا الالتزام وسَئِمَ الناظرون، وإنما أردنا رَشْحَة بن رشحاته، ونموذجا من بدائع خصائصه. ولله درّ العالم العامل الورع الزاهد الشيخ المحدّث مولانا محمد إدريس الكاندهلوي شارح "المشكاة"، حيث قال في وصف حافظته، وأجاد:
وقد صحّ عند الناس آثار حفظه … وقد حسَّنوها جُلُّ أهل التفض.
ولكن أرى فيه الغَرَابة واضحا … أقول كقول الترمذي المحلَّل.
حديث غريب ما عرفناه أسنَدَا … سوى وجه شاه الأنور المتهلَّل.
وفي الباب عمن لا يُعدُّ ويُحصَر … ولا خُلْفَ فيه للمقّ ومبطل.