للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يحسن سواه، فإذا أخذ في تفسير القرآن ومعانيه يقول السامع: لا يحسن سواه، فإذا أخذ في السنّة والرواية عن النبي صلى الله عليه وسلّم يقول القائل: لا يحسن سواه، فإذا أخذ في القصص وأخبار الأمم وسير الماضين فكذلك، فإذا أخذ في أنساب العرب وقبائلها وأصولها وفروعها فكذلك، فإذا أخذ في الشعر والغريب فكذلك. انتهى كلامه.

ولعمري ما وجدتُ أحسنَ ولا أوضحَ مثالا بالشيخ رحمه الله ومآثره وخصائصه من هذه العبارة الجامعة لهذا الحافظ في حقّ حبر الأمّة، فلا ريبَ أن شيخنا رحمه الله كان حبرَ الأمّة وبحرها، فكان عالما بمنابت القَصِيْص، جمع الله له شَمْل الفضائل والفواضل، ولقد صدق القائل:

ليسَ على الله بمستنكَر … أن يجمع العالم في واحد.

نعم! لو لم تكنْ هذه النظائر بين أعيننا لما تيقنّا ما أسلفَ لنا علماوُنا الغابرون في حقّ السلف، والآن بحمد الله كشف الغطاء عن أبصارنا، فبصرُنا اليوم حديد، نرى صدقَ جميع ذلك، وثلجتْ بها صدورنا، ويُلَمُّ بها شعَثُنا، فيا له من أمة هذه الأعلامُ والأحبارُ في آخرها!! فماذا يكون الظنّ بأولها؟!

وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "مثل أمتي كالمطر، لا يدرَى أولُه خير أم آخرُه"، رواه الترمذي عن أنس رضي الله عنه، أو كما قال، فنظر صلّى الله عليه وسلم إلى مآثر هذه الأمْة وفضائلها في آخرها، فاستكثرها، فأعجبتْه فتناسى فضائلَ أولها، كيف لا يكون فضل باهر وشرف زاهر لعهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم": "فالسابقون السابقون، أولئك المقرّبون". فسبحان مَنْ أقامَ في الأمّة لخدمة كتابه ودينه

<<  <  ج: ص:  >  >>