والذبّ عن حريمه وحماه رجالا في بدء هذه الأمّة المختارة ونهايتها، ظاهرين على الحقّ ينشرُون العلم، ويخدمون الإسلام، ويصلحون ما أفسدَه الناس حتى يأتي أمر الله.
هذا، وكانتْ قد انعقدتْ حفلة تأبينٍ عظيمة بالجامعة الإسلامية بعد وفاة الشيخ رحمه الله، تعزية ورثاء، وقد ألفى شيخنا محقّق العصر مولانا العثماني -طالتْ حياته- فيها خطبة باللغة الأردية، مؤثّرة بليغة ناجعة، فبكي، وأبكي، حتى ذرفت العيون، ووجلت القلوب، وقد قيل: عين عَرَفَتْ فذَرَفَتْ.
أريد أن أهدي للناظرين طرَفَها وأزُفُّ إليهم عرائسَ أبكار الكلمات، التي التقطتُها من تلك المقالة الناجعة، فإنها كلمة كشفتْ عن وجوه مخدّرات مآثر الشيخ لثامَ الشكّ والارتياب، بحيث يرتاحُ لها أولو البصائر والألباب، فدونك كلمةً جامعةً ملخّصةً مترجمةً إلى العربية ترفُل في أذيالها، وتبدو للمشتاقين بحسنها وجمالها. قال طال بقاؤُه:
أيّها السادة! قد أرخيَتْ اليومَ على العلم والفضل سدولُ الظلام، إذ قد نزلتْ داهية عظيمة أصبحتْ أربابْ الفضل والعلم قاطبة بها يتامي، ما أريد أن الطلبة وأصحاب التحصيل أصبحوا يتامي، بل العلماء والشيوخ وأساتذة الطلبة أضحوا يتامي، فقدوا من يقوم بحلّ مشكلاتهم.
بلية قد غشيت العالم الإسلاميّ بأسره، لم يبق لنا اليوم مَنْ يحلّ لنا مشكلات القرآن، ووغوامض الحديث، فإلى مَنْ يرجع في المعضَلَات، وممن نَسْتطبُّ سَقَامنا، قد تزلزل اليوم أساسُ العلم، وانهدَّ عمود الملّة الإسلامية، فهذه ثَلْمَة، لا يرجَى سدادُها.
ربّ مسائل معضَلة قد أعوزَني دواؤها، فاستقريتُ لها أسفارَ القدماء، وتصحفّتُ بها زبرَ كبار المحقّقين، فلم أفزْ بما يشفي غليل