فقال له: عليك برجلين، أحدهما عاقل، وهو يونس بن عبد الأعلى، فإنني سعيتُ في سفك دمه، وقدر عليّ فحقن دمي، والآخر موسى بن عبد الرحمن بن القاسم؛ فإنه زاهد.
قال: فصِفْهما لي.
فوصفهما له، فلمّا دخل بكّار "مصر"، ودخل الناس إليه، رأى شيخًا بالوصف الذي وصف له به يونس بن عبد الأعلى، فظنّ أنه هو، فأكرمه، فبينا هو في الحديث معه، إذ قيل: يونس بن عبد الأعلى. فأعرض عن الرجل، وتلقّى يونس، فأكرمه، وأتاه موسى بن عبد الرحمن، فأعظمه، واستشاره، وأخذ برأيه.
واتفق (١) أنه قال لموسى، بعد ما تخصص به: يا أبا هارون! من أين المعيشة؟ قال: من وقف أبي.
قال: يكفيك؟ قال: قد تكفّيت به، وقد سأل القاضي، فأسأل؟ قال: سل.
قال: هل ركب القاضي دين بـ "البصرة". لم يجدْ له وفاء حتى تولّى القضاء؟ قال: لا.
قال: فرزق ولدًا أحوجه إلى ذلك؟ قال: لا.
قال: فعيال؟ قال: ما نكحت قطّ.
قال: فأجبره السلطان وخوفه؟ قال: لا.
قال: فضربت آباط الإبل من "البصرة" إلى "مصر" لغير حاجة!! لله علىّ أن دخلت عليك أبدًا.