للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويقال: إنه لما نظر إلى داره وقد هتكت ستورها، واستبيحت قصورها، وانتهب ما فيها، قال: هكذا تقوم الساعة.

وقد كتب إليه بعض أصحابه (١) يُعزيه فيما وقع، فكتب جواب التعزية: أنا بقضاء الله راض، وبالجزاء منه عالم، ولا يُؤاخذ الله العباد إلا بذنوبهم، وما الله بظلّام للعبيد، وما يغفر الله أكثر، ولله الحمد.

ولقد أكثر الشعراء المراثي في البرامكة، فمن ذلك قول الرقاشي، ويذكر أنه لأبي نواس (٢):

الآن استَرحْنَا واسْتراحَت رِكابُنَا … وأمْسَكَ مَن يَحْدِي ومن كان يَحْتَدِي (٣)

فقُلْ للمَطايا قد أَمِنْتِ مِن السُّرَى … وطَيِّ الفَيَافِي فَدْفَدًا بعدَ فَدْفَدِ

وقُلْ للمَنايا قد ظَفِرْتِ بجعفرٍ … ولن تَظْفَرِي من بعده بمُسَوَّدِ

وقُلْ للعَطَايا بعدَ فَضْلٍ تَعَطَّلِي … وقُلْ لِلرَّزايا كلَّ يومٍ تَجَدَّدِي (٤)

ودُونك سَيْفًا بَرْمَكِيًا مُهَنَّدا … أُصيبَ بسيفٍ هاشميٍّ مُهَنَّدِ

وقال الرقاشي، وقد نظر إلى جعفر وهو مصلوب على جذعه (٥):

أما واللهِ لولا خوف واشٍ … وعَيْنٍ للخليفةِ لا تَنامُ

لَطُفْنا حَوْلَ جِذْعِكَ واسْتَلَمْنَا … كما للناسِ بالحَجَرِ اسْتِلامُ

فما أبْصَرْتُ قَبْلَك يا ابنَ يحيى … حُسامًا فلَّهُ السيفُ الحُسامُ

عَلى اللَّذاتِ والدنيا جميعًا … لِدَوْلَةِ آلِ بَرمَكٍ السَّلامُ

فاستدعى به الرشيد، وقال له: ويحكْ، ما حملك على ما فعلت؟


(١) البداية والنهاية ١٠: ١٩١.
(٢) الأبيات في البداية والنهاية ١٠: ١٩١ =، والكامل ٦: ١٧٩.
(٣) وفي بعض النسخ: والكامل "وأمسك من يجدي ومن كان يجتدي".
(٤) يعني الفضل أخا جعفر.
(٥) البداية والنهاية ١٠: ١٩١، وتاريخ بغداد ٧: ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>