للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذنب لا يغتفر عند الدارمي، وأصحابه الحشوية، فرموه وأصحابه عن وتر واحد، ودوّنوا فيه وأصحابه مثالب نحتلفة بأسانيد مركّبة أوحتها إليهم غضبتهم الظالمة، فجعلوا رقابهم بأيدي أبي حنيفة وأصحابه في الآخرة، يسامحونهم إذا شاؤوا، ويقتصون منهم إذا أرادوا، كما كانت أقفيتهم في الدنيا باعترافهم، ومسامحتهم هي الجديرة بما عرف عن أبي حنيفة وأصحابه، من سعة الصدر وكرم الخلال نحو جهلة المعتدين، وهم حينما طعنوا فيه إنما طعنوا ظانّين أنه على الخطأ، وهم على الصَّواب.

ومن علم حالهم ربما يعذرهم في ذلك، بخلاف أهل الفقه من المخالفين، لأن اعتقاد الحنفية واعتقادهم واحد، ومدارك الفقه عند الفريقين متقاربة، والكلّ متمسّك بالقياس في غير مورد النصّ، فإذا جازوا أحد هؤلاء في النقد حدّ قرع الحجّة بالحجّة، واسترسل في اصطناع مثالب، مسايرا لهواه، فلا عذر له أصلا، فلا يلقى مثله غير مقامع توقفه عند حدّه، وقد أجاد ابن السبكى في "طبقاته الكبرى" (١ - ١٨٧) بيان ردّ طعن المخالف في المذهب فيمن ثبتت إمامته وأمانته، لكن يضيق المقام عن نقل ذلك، فليراجعها من شاء، فهناك تحقيق بديع لا يستغني عنه باحث، فالحسن بن زياد على إمامته في الفقه وأمانته في العلم لم ينج كثير من تلامذته من ملابسة تلك الفتنة، فلم يخلص هو وتلامذته من طعون شنيعة منهم ظلما وعدوانا، وممن حاز الحدّ في الطعن على الحسن بن زياد أبو جعفر العقيلي، حيث يقول في "الضعفاء": "الحسن بن زياد اللؤلؤي من أصحاب النعمان: حدّثنا محمد بن عثمان، سمعت يحيى بن مَعين، عن الحسن بن زياد اللؤلؤي، فقال: كان ضعيف الحديث، حدّثني محمد بن عبد الحميد السمتي، قال: حدّثنا أحمد بن محمد الحضرمي، قال: سألت يحيى بن مَعين، عن الحسن بن زياد اللؤلؤي، فقال: ليس بشيء، حدّثنا الهيثم بن خلف الدوري، قال: حدّثنا محمود بن غيلان، قال لي يعلى: اتّق اللؤلؤي، حدّثنا أحمد بن علي

<<  <  ج: ص:  >  >>