وبعد أن طبع "تاريخ الخطيب"، و "لسان ابن حجر" اللذان حويا كلّ إساءة في الحسن بن زياد لا يجوز إغفال ما ذكره، ونحن في زمن غير زمن الذهبي، فأقول: قال الحطيب في "تاريخه"(٧ - ٣١٥): أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي، أخبرنا أبو مسلم عبد الرحمن بن عبد الله بن مهران أخبرنا عبد المؤمن بن خلف النسفي، قال: سألت أبا علي صالح بن محمد عن الحسن بن زياد اللؤلؤي الكوفي، فقال: ليس بشيء، لا هو محمود عند أصحابنا، ولا عندهم. فقلت: بأيّ شيء تتّهمه؟ (١) قال: بداء سوء، وليس هو في الحديث بشئ)، فالخطيب على ما تعلم من بالغ التعصّب المؤدّي إلى ردّ خبره، وأبو العلاء الواسطي شيخه يقول عنه الخطيب نفسه (٣ - ٩٦): رأيتُ له أشياء، سماعه فيها مفسود، إما محكوك بالسكّين، أو مصلح بالقلم، فيكون غير مؤتمن عنده (إلا إذا كان خبره في الطعن في أصحاب أبي حنيفة)، وعبد المؤمن ليس ممن يصدق فيه، لأنه كان ظاهريا، طويل اللسان، على أهل القياس، وصالح جزرة على سعة علمه في الحديث كان بذيء اللسان، مداعبا أسوأ مداعبة، وهو القائل لمن رأى سوأته قد انكشفت: لا ترمد عيناك، بدل أن يخجل يستتر، وقد قال مرّة لمن سأله عن الثوري: كذّاب، فكتب السائل قوله، فخاطبه أحد جلسائه مستنكرا صنيعه (لا يحلّ لك هذا، فالرجل يأخذه على الحقيقة ويحكيه عنك)، فقال: إما أعجبك من يسأل مثلي عن مثل سفيان الثوري يفكّر فيه أنه يحكي أو لا يحكى كما في "تاريخ الخطيب"(٩ - ٣٢٦، ٣٢٧)، فيفيد جوابه هذا أنه ممن لا يقبل قوله في الأئمة، لضياع كلامه بين الهزل والجدّ والعجب، من هؤلاء الأتقياء الأطهار استهانتهم بأمر القذف الشنيع، هكذا فيما لا يتصوّر قيام الحجة فيه، مع علمهم بحكم الله في القذفة، ومن يكون كما يصوّره هذا الخبر كيف تكون له تلك الوجاهة والمكانة؟ كيف يلتف حوله الحفّاظ والفقهاء لأخذ العلم عنه؟ كيف يثني عليه أهل العلم بالورع،