والزهد، والتقي، والعلم الغزير؟ كما سبق، كمل، وسيأتي في رواية مثل الذهبي، حيث يقول في "تاريخه" الكبير: قال ابن كاس النخعي: حدّثنا أحمد بن عبد الحميد الحارثي: ما رأيت أحسن خلقا من الحسن بن زياد، ولا أقرب مأخذا منه، ولا أسهل جانبا، مع توّفر فقهه وعلمه وزهده وورعه.
ثم قال الخطيب: أخبرنا الحسن بن محمد الخلال، حدّثنا محمد بن العبّاس، حدّثنا أبو بكر بن أبي داود، حدّثني أبي عن الحسن بن علي الحلواني، قال: رأيتُ الحسن بن زياد اللؤلؤي قبَّل غلاما، وهو ساجد، محمد بن عبّاس هو الخزاز كان يحدّث بما ليس عليه سماعه في رواية الخطيب نفسه، فكيف يأتمن الخطيب مثله؟! وأبو بكر بن أبي داود كذبه من من الحفّاظ أبوه، وابن صاعد، وابن جرير، والأخرم، وابن الجارود، ومحمد بن يحيى بن منده، وهو مختلق أرجوفة التسلق المعروفة. راجع "التأنيب"(ص ٦٨)، والحلواني لم يكن أحمد يرضاه، وساء كلام كثير من حملة العلم فيه، كما في (٧ - ٣٣٥) من "تاريخ الخطيب" وإن قبلت روايتُه فيما بعد، وفي الخبر نفسه ما يشهد بتلفيق الخبر، لأنه لا يتصوّر في أفجر البلاد، وأفسق العصور أن يحدث مثل هذا من أيّ فاجر، من غير أن يأتيه الموت من كلّ جانب، ثم الرائي كيف يلغ في دمه بإلقاء الخبر إلى ألسنة الإخباريين، من غير أن يرفع الأمر إلى أصحاب الشأن ليلقى جزاء عمله، ومن اجترأ على الافتراء على على كرّم اللّه وجهه بشهادة حفّاظ عليه بذلك التسلّق المختلق يسهل عليه الافتراءُ على الإمام الحسن بن زياد، وهذا ظاهر كلّ الظهور.
والخطيب الذي نسب إليه في "الشام" ما نسب من مخالطة المرد، كيف لا يتحاشى عن حكاية مثل هذه الفرية المكشوفة بمثل هذا السند، ومن علم مبلغ توغّل الآجري في معتقد الحشوية، لا يصدقه في المنزهّة، وهو يروي عن أبي داود تكذيب الحسن بن زياد في كلام الخطيب، تعويلا على رواية عن أبي ثور، فسل ابن أبي حاتم، هل كان أبو ثور بحيث يتحاكم إليه