يقول المحتاج إلى رحمة اللَّه تعالى وغفرانه، الشاكر لفضله وإحسانه: الحسن بن منصور بن محمود الأوزجندي: قرأ عليّ كثيرا من الكتب التي ألّفها علماء الإسلام وصدور الأنام في تمهيد قواعد الفقه والأحكام، تمييز الحلال من الحرام، منها ما رواه محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة، رحمهم اللَّه تعالى نحو "المبسوط"، و"الجامع الصغير"، ومنها من اختص بتأليفها محمد رحمه اللَّه تعالى نحو "الجامع الكبير"، و"السير الكبير"، و"الزيادات"، وقد يسّر اللَّه تعالى على الشيخ الإمام الجليل الزاهد جمال الدين زين الأنام محمود بن أحمد بن عبد السيّد قراءة عامتها، وإحكام صورها ومبانيها، والوقوف على حقائقها ومعانيها، فبلغه درجة الإفتاء والدراسة، وارتقى مرقاة الشرف والرياسة، متّعه اللَّه تعالى بما أعطاه، وجعل الجنة مأواه، كتبت هذه الأسطر رجاء أن يذكرني بالدعاء الصالح، فإنه أحسن مسئول، وأنفس مأمول.
ثم أضاف إلى ذلك التميمي: ورأيت أيضا على ظهر النسخة المذكورة بخطّ الحصيري ما صورته: قال مولانا وسيّدنا القاضي الإمام الأجلّ الأستاذ قاضي القضاة فخر الملّة والدين ركن الإسلام والمسلمين، بقية السلف، أستاذ الخلف، مفتي الشرق والصين أبو المفاخر الحسن بن منصور بن محمود بن عبد العزيز متع اللَّه الإسلام والمسلمين بطول بقائه.
وهذه الإجازة بمثابة تزكية من الإمام قاضي خان لتلميذه النابغة الحصيري، وإنها شهادة إمام خبير لتلميذ نبيه، ويعدّ مثل هذا التلميذ عنوان مجد ووسام فخر لأستاذه أيضا، ثم تعليق الحصيري على الشهادة المذكورة، فيه إشارة واضحة إلى مدى علاقته بأستاذه، والاعتراف بعظيم مناقبه.
توفي الحصيري في صفر سنة ٦٣٦ هـ، وله تسعون سنة، قال الذهبي: ازدحم الخلق على نعشه، وحمله الفقهاء على الرءوس، وكان يوما مشهودا.