للعباد والبلاد وقويت حركة العصبة الإسلامية التى تنادي بتقسيم "الهند"، وتطالب بـ "باكستان"، ودانت بها الجماهير من المسلمين بحماسة وتفان، وكان الشيخ حسين أحمد يرى في هذه الفكرة الضرر العظيم على المسلمين، ويعتقد أنها تفقّدهم مركزهم السياسيّ ووحدتهم الملّية، وأنها من وحي الدهاء السياسيّ الإنجليزى، فعارضها بإيمان وإخلاص، وذرع "الهند" جولة ورحلة، وجهر بعقيدته، لا يخاف فيها لومة لائم، ولا إهانة مهين، فتعرّض لسخط المتحمّسين والثائرين من أتباع العصبة الإسلامية، وأصحاب فكرة التقسيم، ولقي منهم الشيء الكثير من الأذى والإهانة، وهو صابر محتسب، لا يفتر في عمله، ولا يكفّ عن نشاطه، يرشد المسلمين وأهل البلاد، إلى ما يرى فيه الخير والسداد، غير مدفوع بطمع، ولا مبال بثناء أو نقد، حتى أعلن التقسيم في رمضان سنة ستّ وستين وثلاثمائة وألف، فانفجرت الحروب الطائفية، ووقعت المذابح العظمية في مدن "الهند" وقراها، وافترس المسلمون في "الهند" الشمالية الغربية وحول "دهلي"، ووقع ما كان يخافه الشيخ وأصحابه، ونزح من نزح منهم إلى "باكستان"، وبقي من بقي في اضطراب حال وتشتّت بال، وأصبحت المراكز الدينية والثقافية في "الهند" في خطر الزاول، وأصبحت البقية الباقية من المسلمين في خطر الاستسلام أمام الأكثرية، فانقلب الشيخ واعظا دينيا، يثير فى المسلمين الإيمان والثقة باللَّه والاعتزاز بالدين، ويدعوهم إلى الصبر والثبات والتوكّل على اللَّه، ومقاومة المهاجمين والمغيرين بالإيمان واليقين، فقوت مواعظه وجولاته القلوب المنخلعة، وأرسخت الأقدام المتزلزلة، وزال الخطر، وانقشع السحاب، وبقيت المراكز الثقافية والدينية على حالتها الأولى، وبدأ المسلمون يزاولون حياتهم ونشاطهم باعتدال وثقة.