للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وخمسين وثلاثمائة وألف، وعاد إلى مسقط رأسه، واشتغل بتدريس الحديث الشريف والعلم النافع، مع زهد وعبادة، وذكر وتلاوة، حتى جاءه الطلب من ربّه.

كان الشيخ حيدر حسن من العلماء الربّانيين والمعلّمين المربين، بايع الإمام إمداد اللَّه التهانوي المهاجر إلى "مكة المكرّمة" في شبابه عندما سعد بالحجّ والزيارة، وأجازه الشيخ، واستقام على طريقته وأوراده إلى آخر أيام حياته، وكان عابدا قوّاما، يطيل القيام في صلاة الليل، ويكثر القراءة، ويطيل السجود، ويكثر الدعاء والابتهال، وكان غزير الدمعة، كثير الخشوع، طويل القنوت في الصلاة، يصلّي بالناس بالغلس، ويطيل القراءة، وكان يرى أن الأفضل والأصحّ أن يشرع في الغلس، ويختم بالإسفار، وكان يقرأ القرآن بلحن شجي، وتجويد وترتيل، وكانت له اليد الطولى في القراءات العشر، يقرأ في الشاطبي قراءة تحقيق وإتقان، ويعني بتصحيح القرآن عناية عظيمة، ويحذق الفنّ كأساتذته، أسّس في بلده مدرسة خاصّة بتعليم القرآن، واستقدم لها الأساتذة الكبار من "لكنو".

وكان متضلّعا من العلوم العقلية، درسها دراسة إتقان وإمعان، راسخا في النحو وعلوم البلاغة، بارعا في الهيئة والهندسة، وعلم الاصطرلاب، يدرّس كتبه الكبار بمهارة وقوّة، وكان متصلّبا في المذهب الحنفي، شديد الحبّ والإجلال للإمام أبي حنيفة، عظيم الانتصار له مع إجلال للأئمة الثلاثة، إلا أنه قد تعتريه الحدّة الأفغانية والغيرة المذهبية، فينتقد الشافعية انتقادا شديدا، ويتكلّم عن الإمام البخاري و"جامعه"، مع اعترافه بفضله واشتغاله بتدريسه.

وكان منهجه في تدريس الحديث منهجا علميا، هو أشبه بمنهج المحدّثين منه بمنهج الفقهاء، يذكر المذاهب، ويذكر أدلّتها، وما يحتجّ به

<<  <  ج: ص:  >  >>