أصحابها من الحديث، ولا يقصر في ذلك، ثم يحاكم فيها محاكمة مبنية على علم الأصول والرجال، أكثر من الدلائل المنطقية والتعليلات العقلية، وكان طريقه في ذلك طريق العلامة محمد بن علي الشوكاني في "نيل الأوطار"، وكان من أشياخ أشياخه، وكان مؤثرا لكتب علماء "اليمن" كالعلامة السيّد محمد بن إبراهيم الوزير، والأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني، والعلامة المقبلي، وغيرهم، وكان مع انتصاره للمذهب الحنفي كثير العطف على تلامذته من أهل الحديث، شديد الودّ لأصدقائه، الذين يذهبون هذا المذهب.
وكان غاية في التواضع، ولين العريكة، ومجاراة الطلبة والفقراء، لا يتميّز عنهم بشيء، ولا يترفّع بعلم أو زهد، يؤانسهم، ويستأنس بهم، ويشاكهم في أشغالهم، كان مع ذلك شديد الغيرة، أبي النفس يثور إذا شعر بإهانة لنفسه، أو استخفاف لدينه، متخفّفا في ملابسه، ملتزما للعمامة على الطريقة الأفغانية، وكان ربع القامة، أحمر اللون، منوّر الشبيه، تلوح على وجهه آثار السهر والعبادة، من رآه أجله وأحبه.
له رسائل قليلة في بعض المسائل الخلافية، منها:"جزء في رفع اليدين"، و"جزء في بحث الصاع"، و"جزء في مسألة الحجاب الشرعي".
كانت وفاته في الخامس عشر من جمادى الأولى سنة إحدى وستين وثلاثمائة وألف، ودفن في المقبرة المعروفة بـ "موتى باغ" بـ "طوك"] (١).
قلت: من أعزّ تلامذته: شيخنا وسيّدنا وسندنا المحدث الكبير العلامة عبد الرشيد النعماني الهندي ثم الباكستاني، وقد صنّف شيخ شيخنا الإمام حيدر حسن خان الطونكي رحمه اللَّه تعالى في حجية عمل السلف رسالة نافعة ممتعة، فأفاد، وأجاد، وأوردها شيخنا النعماني رحمه اللَّه تعالى في هامش