فأجازه الشيخ الإمام العلامة رشيد أحمد الكنكوهي، واختصّ به الشيخ خليل أحمد اختصاصا عظيما، وانتفع به انتفاعا كبيرا، حتى أصبح من أخصّ أصحابه، وأكبر خلفائه، ومن كبار الحاملين لعلومه وبركاته، والناشرين لطريقته ودعوته.
وكان قد درّس الحديث دراسة إتقان وتدبّر، وحصلتْ له الإجازة عن كبار المشايخ والمسندين كالشيخ محمد مظهر النانوتوي، والشيخ عبد القيّوم البرهانوي، والشيخ أحمد دحلان مفتي الشافعية، والشيخ عبد الغني بن أبي سعيد المجدّدي، المهاجر، والسيّد أحمد البرزنجي، وعني بالحديث عناية عظيمة تدريسا وتأليفا، ومطالعة وتحقيقا.
وكان من أعظم أمانيه أن يشرح "سنن أبي داود"، فبدأ في تأليفه سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة وألف، يساعده في ذلك تلميذه البارّ الشيخ محمد زكريا بن يحيى الكاندهلوي، وانصرف إلى ذلك بكلّ همّته وقواه، وعكف على جمع الموادّ وتهذيبها وإملائها، لا لذّة له، ولا همّ في غيره، وأكبّ على ذلك أن سافر إلى "الحجاز" السفر الأخير في سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وألف، ودخل المدينة في منتصف المحرّم سنة خمس وأربعين، وانقطع إلى تكميل الكتاب، حتى انتهى منه في شعبان سنة خمس وأربعين، وتم الكتاب في خمسة مجلّدات كبار، وقد صبّ فيه الشيخ مهجة نفسه، وعصارة علمه، وحصيلة دراسته، وقد أجهد قواه، وأرهق نفسه في المطالعة والتأليف، والعبادة والتلاوة، والمجاهدة والمراقبة، حتى اعتراه الضعف المضني، وقلّ غذاؤه، وغلب عليه الانقطاع، وحبّب إليه الخلاء، والشوق إلى اللقاء، ويصرف أكثر أوقاته في تلاوة القرآن، ويحضر الصلوات في المسجد الشريف، بشقّ النفس، وقد ودع تلاميذه، وخاصّة أصحابه لـ "لهند"، وبقي في جوار النبي صلى اللَّه عليه وسلم نزيل "المدينة"، وجلس الدار، مشغول الجسم