وأوقفني صاحبنا الفاضل الأديب إبراهيم بن سليمان الجينيني الحنفي، نزيل "دمشق" على كرّاسة، ترجم فيها شيخه صاحب الترجمة، فما أذكره ملخّص منها.
قال سلمه اللَّه تعالى: كان مولد شيخنا بـ "الرملة"، وبها نشأ، وقرأ القرآن، ثم جوّده على الشيخ القدوة موسى بن حسن الغبي الشافعي الرملي، وقرأ عليه شيئا من "أبي شجاع" في فقه الشافعي، ولازمه في صغره، وانتفع به، وشملته بركته.
ثم رحل إلى "مصر" صحبة أخيه الكبير عبد النبي في سنة سبع بعد الألف، وكان أخوه العلامة شمس الدين تقدمه لـ "مصر" لطلب العلم، وكان أسنّ منه وخير الدين أصغرهم، قال: وكان يحدّثنا أنه في ليلة دخوله إلى "مصر" أحسّ بالاحتلام، فلمّا أصبح طلب من أخيه عبد النبي أن يدخله الحمام، فأدخله، ثم جاء به إلى جامع الأزهر، وكان بالجامع من الأولياء المشهورين الشيخ فايد، وكان مقرّه دائما بباب الجامع، وكان معتقد أهل "مصر" في وقته، قال وعند دخول شيخنا الجامع أراد أن يقبّل يد الشيخ فايد، فقطب وجهه فيه، وقال له: رح عني، ولم يمكنه من تقبيل يده، فدخل، وخاطره منكسر من ذلك، ومكث أياما في الجامع، ففي بعض الأيام كان مارا، وإذا بالشيخ فايد يقول: تعال يا شيخ الإسلام، بهذا اللفظ، فما عرفت لمن النداء، وإذا به يشير إليَّ، فجئت إليه، وقبّلت يده، فهشّ لي، وكان بعدها إذا جئت إليه استقبلني، وأجلسني، واستنشدني من كلام القوم، حتى كنت إذا أردت القيام لا يمكنني إلا بعد الجهد، وحصلت لي بركته، وكان يحلق للناس لوجه اللَّه تعالى، وعلّمني الحلاقة، ووهبني موسين، وحجر مسن، وهم عندي، ثم أراد الاشتغال بفقه الشافعي، واشتغل به أياما، فشقّ ذلك على أخيه، وعليه، لكونه كان خالي العذار، ولم يرض أن يوافق أخاه في الانتقال