لمذهب الحنفية، ولم يرض أخوه أن يوافقه في الاشتغال بفقه الشافعي، فشاورا في ذلك أكابر علماء الجامع، قال: فأشار لشيخنا بأن يكتب رقعة بواقعة الحال، ويلقي الرقعة على قبر الإمام الشافعي رحمه اللَّه تعالى، وأن يجلس هناك، فكتب رقعة، وتوجّه بها، فألقاها، وجلس، فأخذته سنة من النوم، فرآى الإمام الشافعي رحمه اللَّه تعالى وهو يقول: كلّنا على هدى، فجاء، وأخبر الذي أشار عليه بذلك، فقال له: هذه إجازة من الإمام بأن توافق أخاك في القراءة على مذهب الإمام أبي حنيفة رضي اللَّه تعالى عنه، فوافق أخاه، وجدّ، واجتهد، ودأب في تحصيل العلوم، وأخذها عن أهلها، وفاق أخاه.
ولازم الشيخ عبد اللَّه بن محمد النحريري الحنفي عالم الأزهر في فقه الحنفية، وقرأ عليه "شرح الكنز" للعيني مرّة وأخرى، لم تتم، وغالب "صدر الشريعة"، ومثله "الأشباه والنظائر"، وجملة من "شرح القطر" للمصنّف، وجملة كبيرة من "تبيين الحقائق"، و"الاختيار شرح المختار"، و"ابن ملك على المجمع"، و"السراجية" مع "شرحها" للسيّد، و"شرح الرحبية" للشنشوري، وغيرها من الكتب.
وكان أخصّ مشايخه، ولازمه مدّة إقامته بـ "مصر"، حتى أن النحريري كان له خلوة بالبرقوقية، فأنزله هو، وأخاه فيها، وكان يأتي إليهما بها كثيرا، وكان يجعل لهما درسا خاصا غير درسه العام، الذي بجامع الأزهر.
وممن أخذ عنه من أجلاء العلماء الحنفية العلامة محمد بن محمد سراج الدين الحانوتي صاحب الفتاوى المشهورة، قرأ عليه دروسا من "كنز الدقائق"، وأجازه في أواسط المحرّم سنة تسع بعد الألف، وقرأ على الشيخ الإمام أحمد بن محمد أمين الدين بن عبد العال في تقسيم "شرح الكنز" للزيلعي، وكتب له إجازة بخطّه، وهو يروي الحديث عنه، وهو عن والده عن شيخ الإسلام زكريا عن الحافظ ابن حجر، وقرأ الأصول على العلامة