محمد ابن بنت محمد، وقرأ على الشيخ محمد بن بنت الشلبي، والحديث عن العالم الجليل أبي النجا سالم السنهوري محدّث الأزهر، والقراءات على مقرى زمانه الشيخ عبد الرحمن البهني، وأخذ النحو عن نادرة زمانه أبي بكر الشنواني، وعن الشيخ سليمان ابن عبد الدائم البابلي، وكان الشيخ إبراهيم اللقاني رفيقهم على الشنواني إذا فرغ من قراءته عليه عمل له درسا، فيحضره أيضًا، وأقام بـ "مصر" بالجامع الأزهر في أخذ العلم ستّ سنين، وحصل كتبا بخطّه، كتب لغيره، وأفتى وهو بجامع الأزهر، كتب له إجازة شيخه النحريري وشيخه ابن عبد العال عند توجّهه في ذى القعدة سنة ثلاث عشرة وألف.
وقدم بلدة "الرملة" في ذى الحجّة أواخر هذه السنة، واجتمع في عوده بعلماء "غزّة"، وبحكمها الأمير أحمد بن رضوان، فأرمه، وحصل له منه إنعام، واعتنى به، وأقام ببلده، ثم أخذ في الأقراء والتعليم والإفتاء والتدريس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واشتهر علمه، وبعد صِيْتُه، وشاعت فتاواه في الآفاق، ووردت إليه الأسئلة من كلّ جانب، حتى أنه كان لا يكاد يفرغ من الاشتغال بالفتوى، لكثرة ما يرد عليه فيها لجودة كتابته عليها.
وأخذ في غرس الكروم ومباشرتها بيده، حتى أنه غرس ألوفا من الأشجار المختلفة من الفواكه والتين والزيتون، وحصل أملاكا، وعقارات، غالبها من بنائه، وكان يأكل منها، وكسبه من حلّ، ولم يتعرّض من الجهات والأوقاف لشيء، وفي ذلك يقول:
بورك لي في المر والمسحاة … فما هو الملجئ للجهات
وهي إذا قام عليها صدقه … وللذي فرط نار محرقه
وكانت خبراته عامة على أهله وأتباعه وجيرانه، بل على أهل بلده، وانتفعوا به دينا ودنيا، ورمَّم كثيرا من جوامعها ومساجدها ومدافن الأولياء،