للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدين (١) السادس، ورياسة توفيق باشا، فعارض الأستاذ في هدمها، وطلب من شيخ الإسلام (٢) أن يعارض، فلم يعمل شيئا، فما كان من الأستاذ إلا أن يرفع دعوى لدى المحكمة لمنع هدم المدرسة، لأنها مستكملة شرائطها، ولا يجوز هدمها إلا بحكم، ووكل عنه محاميين، ورفعها أمام أحد القضاة المطربشين (أي لابسي الطربوش)، لعدم ثقته بالمعمّمين، وأثناء سر الدعوى ولّى توفيق باشا منصب الصدر الأعظم، وحاولوا ثنى الأستاذ عن عزمه، فلم يفلحوا. فاحتجّوا بأن صاحب الحق في رفع الدعوى هو شيخ الإسلام، فأخرج لهم الأستاذ نصّا، بأن المدارس تابعة لوكيل الدرس، فلم يروا بدا من عزله وتعيين سواه، على أنه بقي عضوًا في مجلس وكالة الدرس، الذي كان رئيسه كما مرّ ذكره، فلم يسكت، بل ذهب لمن خلفه، وقال له: إن سكت فبها، ونعمت، وإن لم تسكت، وتنازلت عن الدعوى بعزل المحاميين فثق بأني مهاجمك، فقال له: أنا أسكت، والدعوى تأخذ سيرها، ثم انقلبت الأمور، ودخل الكماليون "الآستانة"، وقبيل دخولهم غادرها الأستاذ، وهدمت المدرسة بعد ذلك فعلًا، وبني مكانها بناء سلم لإدارة الهلال الأحمر، وهذه الدار الآن (٣) هي مركز الكفر والإلحاد والعياذ بالله، بينما كانت المدرسة المهدومة مسكنًا للطلبة


(١) وهو آخر سلطان عثماني، وخلفه ابن عمه عبد المجيد الثاني خليفة فقط، بينما تولّى السلطة الفعلية عدو الله كمال رئيسًا للجمهورية، ثم عزل الخليفة، وزالت تلك الدولة، وسبحان من يرث الأرض ومن عليها.
(٢) واسمه نوري أفندي، وهو آخر قاض أرسلته الدولة العثمانية إلى مصر، وبعده انفصلت مصر عن تركيا، كما أنه آخر شيوخ الإسلام بالآستانة، وبعده أُلغي المنصب.
(٣) المراد من (الآن) وقت التدوين في المحرّم سنة ١٣٥٩ هـ. أما الآن أي في المحرم سنة ١٣٧٢ هـ فربما يكون الوضع تغير خصوصًا، وقد ألغت الحكومة التركية كثيرا من القيود التي كانت موضوعة لمحاربة الدين الإسلامي.

<<  <  ج: ص:  >  >>