وتلقّى برهان الكلنبوي، وغيره من المحقّق الشهير عبد الكريم النادر الألبصاني المتوفّى سنة ١٣٠٠ هـ، ودرّس العلوم في جامع الفاتح.
وتخرّج عنده طبقتان من أهل العلم، الأولى نحو مائة عالم، والثانية نحو مائة وأربعين عالِمًا، وكان آية في الورع، حتى إنه بعد أن أتمّ التدريس في الطبقة الثانية تخلّى عن مرتّبه لبيت مال المسلمين مرتئيًا أنه لم يعد يستطيع التدريس، فلم يبق وجه لصلته من بيت المال، فطار هذا الخبر كلّ مطار، فكثر الزوّارُ، فتوهّم متوهّمون مؤامرة سياسية في المتردّدين إليه، فأصابه بعض أذى إلى أن أذاع بين محبّيه، ألا يزوروه، فامتنع من مقابلة الزوّار لهذا العذر إلى الانقلاب الدستوري في الدولة العثمانية سنة ١٣٢٦ هـ.
ولَمّا أحيل أمر إصلاح المعاهد الدينية إلى العلّامة محمد خالص الشرواني، المتوفّى سنة ١٣٣١ هـ بتعيينه وكيلا للدرس، اختار المترجم في عداد من اختارهم لمجلس الوكالة، فقبل بعد إلحاح شديد، وعاد إلى ساحة التوظيف بالحكومة، وفي سنة ١٣٢٩ هـ عيّن وكيلا للدرس، ومن نصائحه لشيخنا عندما تخرّج عليه:(إن الدرهم لا يدخل محلًّا إلا ويخرج منه الإخلاص).
ولما توفّي الشيخ إبراهيم الأكيني انتقل الأستاذ بوصية منه إلى الألصوني، حيث أكمل عليه العلوم، ونعته بأنه قدوته ومساعده، وشيخه، وملاذه، توفّي المترجم يوم الجمعة ١٨ صفر الخير سنة ١٣٣٦ هـ، ودفن بعد ظهر السبت في مقبرة السلطان محمد الفاتح، رضى الله عنهما.
ورابعهم: الشيخ حسن القسطموني، المولود في بلدة طاطاي سنة ١٢٤٠ هـ، تخرّج في العلوم على العلّامة أحمد حازم الصغير النوشهري، المتوفّى سنة ١٢٨١ هـ حفيد أحمد حازم الكبير، المتوفّى سنة ١١٦٠ هـ، وأخذ الحديث والتصوّف عن الكمشخانوي، وهو من أقدم أصحابه، وشارك شيخه في الأخذ عن السيّد أحمد بن سليمان الأروادي المتوفّى سنة ١٢٧٥ هـ حين ما