للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مثله، وقابلا السلطان عبد الحميد الثاني المتوفّى بعد خلعه سنة ١٣٣٦ هـ رحمه الله.

وقالا له ما خلاصته: إن العبارة المنسوبة إلى الكتاب موجودة تقريبًا في كلّ كتاب فقهي، وإن مصادرة الكتاب تدمي قلوب المخلصين، ومثل هذا العرض كان يعدّ جرأة بالغة في ذلك العهد، فأمر السلطان بإعادة الكتب إلى أصحابها، ونفى ذلك الموظّف الكبير صاحب التقرير إلى إحدى الولايات البعيدة على أن يكون شاويشًا خادمًا بسيطًا في البلدية.

قلت: إن هذه الحسنة من السلطان الذي كان لا رادّ لأمره وقت ملكه نزولا على حكم عالمين جليلين تغمر في بحرها كثيرًا من سيئاته. اهـ. وتوفّي التكوشي في ٢٩ من صفر سنة ١٣٣٩ هـ، ودُفن في مقبرة الفاتح، رضي الله تعالى عنهما.

هذه صفحات ناصعة من سير رجال، طلّقوا الدنيا، ورغبوا في الآخرة، طمعا فيما عند الله تعالى من عظيم الأجر، وخالد النعيم، وقد اخترت هؤلاء الخمسة من شيوخ الأستاذ الكثير، وكلّهم كان عظيمًا جليلًا، يجمع بين العلم، والعمل، والتقوى، والصلاح، واقتصرت على هؤلاء عزوفا عن الإطالة، والله سبحانه وتعالى ينفعنا بهم، وبلعومهم التي كانت لشيخنا الكوثري فضل إيصالها إلينا.

وللشيخ الكوثري كما ذكرت من قبل نظم ونثر، وطريقته في النثر يعرفها كلّ من طلب العلم عليه، وكثيرًا ما كنت أقرأ مقالًا، يخفي فيه نفسه، فأستشفّها من عباراته، التي يلتزمها في نثره، وكنت أكتب له بذلك، فكان يعجب في أول الأمر، ثم أخذ يسرّ بعد ذلك - وشعره، كما قلت من قبل لا يليق بقدره خلافا لنثره، فشعره دون المتوسّط، ولكن نثره يعدّ من أبلغ وأجود ما كتب في العربية، على الرغم من أنه لم يكن عربيًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>