للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو كثير النشاط، لا يعرف الكسل، خفيف الروح، بشوش، ودود، كثير الدعابة، مع الذين يأنسهم، أو يحبّ أن يؤنسهم، سريع الدمعة، جريح المقلة، كلما ذكر شيء من أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم أو الصحابة أو الأولياء أو أنشد بيت رقيق مرقّق فاضت عيناه، وتملكه البكاء، وهو يغالبه، ويخفيه، فتنم عليه الدموع، وليس الحديث له صناعة وعلمًا فحسب، بل هو ذوق وحال، يعيش به ويعيش فيه.

وسافر إلى الحجّ للمرة الخامسة في صفر الخير عام ١٣٨٩ هـ وصاحبه فيها العلامة أبو الحسن الندوي، وذكر أنه كان شديد الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم، شديد الحبّ له، والشوق إليه، وكان يجلس تجاه أقدامه عليه الصلاة والسلام ساعات متواليات مشغولًا مراقبًا، رغم ضعفه وكبر سنّه، وعلله الكثيرة، لا يفتر ولا يشبع من ذلك، وكان يتمنّى البقاء في هذه البقعة المباركة، وفي هذا الجوار الكريم، حتى يفارق الدنيا، ويلحق بربه.

ويعز عليه حديث العودة إلى بلده "الهند"، ومغادرة "المدينة المنوّرة" إلا أن دعوات المسلمين وما يعانونه في "الهند" من مشكلات ومسائل تطلب بقاءه بجوارهم، وما تعانيه المدارس الدينية من أزمات ومعضلات، وما تحتاج إليه في "الهند" جماعة التبليغ من إرشاد وتوجيه وإشراف ومراقبة اضطرّته إلى العودة، فعاد في شهر ذي القعدة ١٣٨٩ هـ، ومرّ من طريقه من "باكستان"، فتهافت عليه الناس تهافت الفراش على النور، والتفّوا حوله في كلّ مكان كان ينزل فيه.

ثم عاد إلى "المدينة المنوّرة"، وجاور فِى جوار المسجد النبوي، عاكفًا على العبادة والذكر، والإملاء والإرشاد، والتربية الروحية وتزكية النفوس، والحثّ والتشجيع على الدعوة إلى الدين ونشره، والقيام بأعباء التعليم الديني، وفتح المدارس، والتعاون على البرّ والتقوى، متمنيًا من الله أن يلقى الحِمام في

<<  <  ج: ص:  >  >>