للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والاحتياط فيما ذهب إليه أبو حنيفة، حتى لا يكون داخلًا تحت نهيه عليه الصلاة والسلام عن ربح ما لم يضمنْ.

ومسائل هذا النوع لا تنحصر، وفيما ذكرناه كفاية.

ومن جملة ما يشنع به الحسَّاد على أبي حنيفة، رضى الله عنه، أنه من جملة الموالي وليس هو من العرب، وأن من كان مجتهدًا من العرب أولى بالتقديم من غيره.

والجواب، أن شرف العلم مُقدَّم على شرف النسب، وشرف الدين مقدَّم على شرف المنتسبين، وأكرم الناس عند الله أتقاهم، وما يضرّ العالم كونه من الموالي، وما ينفع الغوي الجاهل كونه حجازيًا، أو تميميًا، وهو لا يعرف اليمين من الشمال، ولا يفرق بين الهدى والضلال.

ومما روي أن رجلًا من بني قفل (١)، من خيار بني تيم الله، قال لأبي حنيفة: أنت مولاي.

فقال: والله!! والله أشرف لك منك لي.

فجعل أبو حنيفة شرف القرشى التيمى يكون من مواليه مثل أبي حنيفة، أفضل من شرف أبي حنيفة بكونه من موالي القرشى التيمى، وهذا مما لا شبهةَ فيه، فإنه ثابت بالكتاب والسنَّة.

أما الكتاب، فقوله تعالى (٢): {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.

وأما السُّنة، فقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: "لا فضلَ لعربي على عجمي إلا بالتقوى"، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: "سلمان منا أهل البيت"، ونفى الله تعالى ولد نوح عليه الصلاة والسَّلام منه، فقال (٣): {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ}،


(١) انظر المعارف ٤٩٥ وكان أبو حنيفة مولاهم.
(٢) سورة الحجرات ١٣.
(٣) سورة هود ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>