للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما ما كان يتمثل به أبو حنيفة من الشعر، وما مدح به رضى الله تعالى عنه من النظم، فكثير لا يدخل تحت الحصر، ومنه قول بعضهم (١):

لأبي حنيفةَ ذي الفَخارِ قراءة … مشهورةٌ مَنْخُولةٌ غَرَّاءُ

عُرضِتْ على القُرَّاءِ في أيامِهِ … فتعجَّبَتْ من حُسْنِها القُراءُ

لله در أبي حنيفة إنهُ … خضَعَتْ له القُرَّاء والفقهاءُ

خلَف الصَّحابةِ كلَّهم في علمهمْ … فتضاءلَت لِجَلالِهِ العُلماءُ

سُلطانُ مَن في الأرضِ من فقهائها … وهمُ إذا أفتَوا له أصدَاءُ

إن المياهَ كثيرةٌ لكنَّهُ … فَضَلَ الميَاهَ جمَيعَهَا صَدَّاءُ (٢)

قال ابن الشحنة: وكأن "أصداء" هذا جمع صدى بالقصر، وهو الذي يجيبك مثل صوتك في الجبال وغيرها، إشارة إلى أن الأصل منه نشأ وعنه أخذ؛ لأنه كان كافل الفقهاء ومُربيهم، لأنهم عياله، كما نصَّ عليه الشافعي. انتهى.

وفِي هذه الأبيات تصريح بأن الإمام، رضى الله تعالى عنه، كان من المتقدمين في فن القراءات، كما هو من المتقدمين السابقين في علم الفقه، وهو كذلك، فقد أفردوا بالتآليف قراءته التي انفرد بها، ورَوَوْها عنه بالأسانيد.

وممن أفردها بالتأليف أبو القاسم الزمخشري، وأبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهُذلي البسكري، بموحَّدة وسين مهملة، في كتابه المعروف بـ "الكامل"، وغيرهما.

وممن روى عنه القراءة أبو يوسف، ومحمد، رحمهما الله، وغيرهما.

وحروفه معروفة مذكورة في "المناقب"، وغيرها.


(١) ذيل الجواهر المضية ٢: ٥١١، ٥١٢.
(٢) صداء: ركية ليس عند العرب ماء أعذب منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>