للعلم، ذابًا عن المحارم، مُتبعًا لأهل بلده، لا يستحيل أنا يأخذ إلا بما يصحُّ عنده من الآثار عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، شديد المعرفة بناسخ الحديث ومنسوخه، وكان يطلب أحاديث الثقات، والأخير من فعل النبي صلَّى الله عليه وسلَّم؛ وما أدرك عليه عامة أهل "الكوفة"، حيث وجد الحق أخذ به، وجعله دينه، وقد شنَّع عديه قوم بما نستغفر الله منه، بل كان منا اللفظة بعد اللفظة.
قال: فقلتُ أرجو أن يغفر الله لك ذلك.
وعن قاسم بن آدم، قال: قلت للفضل بن موسى السيناني: ما تقول في هولاء الذين يقعون في أبي حنيفة.
قال: إن أبا حنيفة عليم كما يعقلونه، وبما لا يعقلونه من العلم، ولم يترك لهم شيئًا، فحسدوه.
وحدّث أبو سفيان الحميري، قال: قال ابن شبرمة: كنتُ شديد الإزراء على أبي حنيفة، فحضر الموسم، كنت حاجًا يومئذٍ، فاجتمع عليه قوم يسألون، فوقفتُ من حيث لا يعلم من أنا، فجاءه رجل، فقال،: يا أبا حنيفة، قصدتُك عن أمر قد أهمَّني، أو أعجزني.
قال: ما هو؟
قال: لي ولد ليس لي غيره، فإن زَوَّجْتُه طلَّق، وإن سَرَّيْتُه أعْتَقَ، وقد عجزتُ عن هذا، فهل من حيلة؟ فقال له للوقت: اشتر الجارية التي يرضاها لنفسه هو، ثم زوّجها منه، فإن طلّقها رجعتْ مملوكتك، وإن أعتق أعتق ما لَا يملك.
قال: فعلمتُ أن الرجل فقيه من يومئذ، فكففتُ عن ذكره إلا بخير.
وروي عن الليث بن سعد، أنه كان يقول: كنتُ أسمع بذكر أبي حنيفة، وأتمنى أن أراه، فكنتُ يومًا في المسجد الحرام، فرأيتُ حلقة عليها الناس منقضين، فأقبلتُ نحوَها، فرأيتُ رجلًا من أهل "خراسان" أتى أبا حنيفة،