وإياكَ أن تكلم العامة بأمر الدين في الكلام، فإنهم قوم يقلّدونك، فيشتغلون بذلك.
ومن جاءَك يستفتيك في المسائل، فلا تجبْ إلا عن سؤاله، ولا تضم إليه غيره؛ فإنه يشوش عليه جواب سؤاله.
وإن بقيت عشر سنين بغير كتب ولا قوة فلا تعرض عن العلم، فإنكَ إن أعرضتَ عنه كانت معيشتُك ضنكا.
وأقبل على مُتفقهيك، كانك اتخذت كل واحد منهم ابنًا وولدا، يزيدهم رغبة في العلم.
ومن ناقشك من العامة والسوقة، فلا تُناقشْه؛ فإنه يذهب ماء وجهك.
ولا تحتشمْ من أحدٍ عند ذكر الحق، وإن كان سُلطانًا.
ولا ترض لنفسك من العبادات إلا بكثرَ مما يفعله غيرك، وتعاطاها؛ فإن العامة إذا لم يروا منك الإقبال عليها بأكثرَ مما يفعلون، اعتقدوا فيك قلة الرغبة، واعتقدوا أن علمك لا ينفعك إلا ما نفعهم الجهل الذي هم فيه.
وإذا دخلت بلدة فيها أهل العلم، فلا تتخذْ لنفسك، بل كن كواحد من أهله؛ ليعلموا أنك لا تقصد جاهَهم، وإلا يخرجون عليك بأجمعهم، ويطعنون في مذهبك، وتصير مطعونًا عندهم بلا فائدة.
وإن استفتوك في المسائل، فلا تناقشْهم في المناظرة والمطارحات، ولا تذكر لهم شيئًا إلا عن دليل واضح، ولا تطعنْ في أساتذتهم، فإنهم يطعنون فيك.
كنْ من الناس على حذر، وكنْ لله تعالى في سرّك، كما أنت له في علانيتك، ولا يصلح أمر العلم إلا بعد أن يجعل سرّه كعلانيته.
وإذا ولاك السلطان عملًا، فلا تقبلْ ذلك منه، إلا بعد أن تعلم أنه إنما يولّيك ذلك لعلمك.