الإسلامي أمنية راودتني عبر حياتي وحلما من أحلام الليل والنهار التي ظلّت أحلم بها، وأحمد الله تعالى أنه أسعدني اليوم بزيارة هذه الدار، وتحقّقت أمنيتي القديمة. ولقد وجدتها رؤية أحسن مما كنت قد تصوّرت عنها في ضوء ما سمعت عنها. إن أنوار العلم تتفجّر من جنبات هذه الجامعة السعيدة، ففي فصولها وقاعاتها تدرّس أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، تبيّن أحكام الدين والشريعة لعطشى العلم وطلّاب العلم والمعرفة والإحسان على منهاج مثالي من النظام والإدارة والدقّة واللباقة والفراسة، تتجلّى فيه روحانية ذوي القلوب المؤمنة وأولي العلم والبحث.
ومن فضل الله العظيم عليّ أن سعدت بالاستماع لبعض أجزاء درس في الحديث لمولانا الأجلّ بركة الأمة ذي الأنفاس الطاهرة سيّدي الشيخ المحدّث السيّد فخر الدين أحمد المرادآبادي، فقد تحدّث الشيخ على طلب من الأحبّة الطلَّاب ومراعاة لي حول حديث بني سلمة باللغة العربية، ذاك الحديث الذي جاء فيه أن بني سلمة رغبوا في أن يتركوا ديارهم إلى جوار المسجد النبوي، على صاحبه الصلاة والسلام، ولمَّا علم رسول الله صلى الله عليه وسلم رغبتهم هذه، قال: دياركم تكتب آثاركم.
وقد كانت محاضرته جامعة بين الدرر اليتيمة والنجوم المتلألئة، ومصداقا لـ "فيض الباري" و"عمدة القارئ". . . وأتضرّع إلى الله أن يجزيه خيرا عن السنّة المطهّرة والعاملين بها. وأن يديم هذه الجامعة متقدّمة زاهرة في ظلّ أمثال مولانا العلامة محمد إبراهيم البلياوي رئيس هيئة التدريس، ومولانا المقرئ محمد طيّب رئيس الجامعة، وغيرهما من الأئمة الأجلّة بدور الهدى ومصابيح الدجى.
وفي عهده بدئ تنفيذ مشروع تدوين "فتاوى دار العلوم" ديوبند، وصدر المجلّد الأول منها عام ١٣٨٢ هـ، وقد صدرت لحد الآن ١٢ مجلّدا منها، والبقية قيد الإعداد.