والمطلع على أحوال "الهند" يعرف جيّدا أن قضيّة الحفاظ على الشرائع الإسلامية لم تقلّ أهمية في "الهند" المستقلّة، بل ربما أخذت أهمية متزايدة من أجل المآسي، التي شهدها الشعب المسلم، ولا يزال يشهدها في هذا الخصوص بشكل، لم يكن ليتصوّره في "الهند" المستعبدة، التي كان هو في مقدّمة المضحّين بالنفس والنفيس في سبيل تحريرها، وذاق في هذا السبيل ويلات لم يذقها بالتأكيد أيّ من طوائف البلاد.
ونحمد الله عزّ وجلّ أن الجامعة ظلّت بقيادة الشيخ محمد طيّب الحكيمة ملاذا للشعب المسلم الهندي بالنسبة لكلّ محاولة رامية لدينه وعقيدته، وقامت بالجهد المشكور في تحطيم المحاولة في مهدها، أو ظلّت تلاحقها لآخر مرحلة.
في الثمانينات من القرن الميلادي الحالي، ولا سيّما عام ١٣٩٢ هـ، قامت محاولات للتدخّل في قانون الأحوال الشخصية لمسلمي "الهند" بشدّة غير عادية، وقيل: إن الشرائع الإسلامية عادت لا تفي بمطالب العصر.
فأمر رئيس الجامعة الشيخ محمد طيّب بتكوين لجنة من كبار أساتذة الجامعة لتقوم بتفنيد شبهات المشكّكين والمعترضين، ثم عقد رحمه الله في رحاب الجامعة يوم ٢٦ صفر ١٣٩٢ هـ اجتماعا، دعا إليه كبار علماء ديوبند، وآخرين من العلماء والمفكّرين والمثقّفين المسلمين، حتى يتّخذوا موقفا موحّدا فيما يتعلق بالأحوال الشخصية للمسلمين والدفاع عنها، وتدارس المجتمعون جميع نواحي القضيّة، وأعدّوا مذكرة، تتضمّن أسئلة، وجهت للعلماء ورجال الإفتاء لشتى مدارس الفكر الإسلامية في "الهند"، وطلب إليهم أن يوافوا الجامعة بأجوبتهم في أوائل رجب ١٣٩٢ هـ.
كما اتفق المجتمعون على عقد مؤتمر موسع لعموم "الهند" حول الموضوع، واتخذ رئيس الجامعة لهذا الاجتماع الموسّع لجانا عديدة تتضمّن رجال القانون ورجال الدعوة والفكر إلى رجال العلم والإفتاء.