يوم مهتزا للجندي المخصّص لخدمته: إني قد أتقنت اللغة الأردية. فابتسم الجندي، لأنه كان من الناطقين بها، وقال له متأدّبا: إن اللغة الأردية لا يتقنها أحد إلا بعد طول ممارسة. فقال الضابط: ما تقول صحيح، ولكني قد أتقنتُها فعلا. قال الجندي: إذا هل تسمح لي بأن أختبرك في ذلك؟ قال الضابط طربا: بكلّ حرّية. قال الجندي: ما معنى القرع المرّ الصاعد على شجرة النيم، وبما أن النصّ الأردي للمثل يحمل بين القرع المرّ، وبين الصاعد على شجرة النيم، كلمة أور العاطفة المرادفة للواو في العربية، فتورّط الرجل أولا في هذه القضيّة، وقال للجنديّ: قد فهمت ما هو المراد من النصّ بين طرفي أور، ولكني لم أدر لماذا تخللت كلمة أور ههنا بدون معنى وبدون حاجة؟ أفهل هي للربط أو للعطف، وكلاهما باطلان ههنا؟ وابتسم الجندي ساخرا منه، وقال له: دع هذه القضيّة، ودلّني على معنى هذه الجملة صارفا نظرك عن أور، فتوقّف قليلا، ثم قال إن "كريلا""القرع المر" خضار، وأما "نيم" فمعناها النصف، وأما جرها الصاعد، فمعناها أن القائم بطبخ الخضار، قد وضعه في القدر على الموقد. ثم قال ضاحكا: إنك لتعلم أن كريلا خضار مرّ للغاية، فلو طبخه جاهل لما نضج جيّدا، وإنما بقي ناضجا وغير ناضج، فلم تزل مرارته، وإذن فالمعنى واضح!
واستخرج الموقف ضحكا طويلا من الجنديّ، ثم قال للضابط سيّدي! أما قلت: إنك لم تتقن الأردية بعد. وهنا شرح له معنى النصّ. فقال الضابط: حسنا إن ذهني لم يتطرّق إلى شجرة النيم، وإلا فإني كذلك كنت قد توصّلت إلى المعنى المراد الذي شرحته أنت.
قال الشيخ رحمه الله: إن الضابط عرف كريلا وعرف نيم، بمعنى النصف، ولم يعرف الكلمة في معنى الشجرة ههنا، فأفسد المثل وسلبه مزاياه، ولما شرح له الجندي المعنى الصحيح شعر بالندم، وقال: سلني عن أشياء أخرى، فسأجيبك صحيحا. فقال الجندي: إذا سألتك عن أشياء أخرى،