قد سمعت حديثه ذات مرّة حول فضيلة القناعة بالقليل وعيش الحياة كعابر سبيل، فتأكّد لديّ أن الحياة المثاليّة للمسلم الصحيح إنما هي ما عاشه سيّدنا أبو ذر وأمثاله من الصحابة والتابعين والزاهدين من هذه الأمّة، وأن ما لا يتفق، وهذه الحياة الإيمانية المغبوطة، فإنما هو هوس وجنون وهوى وفنون، يتأنّق فيها الراغبون في هذه الحياة الدنيا. حديث أبكى العيون، وغسل القلوب، وصقل الإيمان، وحطّم الأوهام، وأزال الأردان، وكسر الأهواء، وشفى المتهالكين على المادّة والمعدة من داء الجشع والأنانيّة، والدّوران حول الذات.
ثم استمعت إليه:
بعد سنوات طويلة، وهو يتحدّث عن فضيلة الثروة واقتناء المال والعناية باستثماره، فإنفاقه في وجوه الخير، التي لا تحصى، وأشار في ذلك إلى نواحي الخير، التي قد لا تتبادر إليها الأذهان، وقد لا تنال عناية من فاعلي الخير السبّاقين إلى البذل والحريصين على الخدمة الإنسانية والأعمال الإسلامية فما وسع الحضور، إلا أن كادوا يطيرون فرحا، وعادت المنصّة والمخيم المنعقد فيه الاحتفال، وما حوله من الجدران وما وراءها من الأشجار، ألسنة تلهج بالثناء، وترفع الصوت بالتصفيق والتهليل، والإشادة والدعاء.
وهنا ثارت الدواعي في قلبي، وأتأكّد أن الحضور كانوا شركائي في ذلك أن الفضيلة الأولى التي يجب أن يحظى بها الإنسان في حياته إنما هي فضيلة الثروة والغنى والحصول على المال الوفير، حيث إن هناك حسنات لا يمكن أن يحقّقها المرأ في دنياه، إلا عن طريق المال والثروة، وبذلك فيتمهّد له الطريق إلى التقرّب إلى ربه، ثم إلى دخول جنته بفضله ومنّته، إن شاء الله.