فحسم الأمر، وحكم في القضيّة فيما يتعلّق بمن يشكّون في شأن العناية بمجرّد الثروة والثريّ، وينظرون إلى مطلق المال كأنه لعنة، وإلى مطلق العناية بأسباب الراحة المباحة والنعيم الحلال بنظرة الشكّ والارتياب.
وأكّد أن مطلق المال والثروة ليس بحرام، وإنما الحرام هو الإخطاء بمواضع استحقاقه، ووجوه الإنفاق، التي أرشد إليها الإسلام، وفصّلتها الشريعة، وضعت لها مبادئ، وقعّدت لها قواعد.
وأن مطلق الفقر والزهد في الدنيا واللعنة على الأسباب، التي بسطها الله لحكمته في الكون ليس محمودا في الشريعة ومقبولا في الإسلام، وإنما المحمود هو الفقر الذي يبعث على المواساة، ويرقّق القلب، ويكسب لذّة اليقين، وجمالا في الدين، ويزيد المؤمن تقرّبا إلى الله، واحتسابا للأجر ورغبة في الذخر، وإلا فإن الفقر قد يؤدّي بغير المتوكّل على الله، وغير الصابر على البلاء، وغير العارف بآداب استمطار رحمات الربّ الغفور الرحيم، إلى الكفر، فإلى النار، أعاذنا الله وإيّاكم من كلّ موقف حرج في الدنيا، وبعدها في الآخرة.
اشترى طلّاب نادي اللغة العربية بالجامعة الإسلامية دار العلوم ديوبند في أيام تحصيلنا في منتصف التسعينات من القرن الرابع عشر الهجري الفائت، جهازا لمكبّر الصوت، وأشار مؤسّس النادي والمشرف عليه أستاذنا وأستاذ الجيل الإسلامي الجديد في شبه القارة الهندية، فضيلة الأستاذ الكبير الشيخ وحيد الزمان الكيرانوي رحمه الله تعالى، المتوفى ١٤١٥ هـ، أن نلتمس من الشيخ محمد طيّب رحمه الله أن يدشّنه بحديثه المبارك، فقبل دعوتنا مشكورا، وحضر الحفل الذي عقدناه على شرفه محمودا، وتحدّث فيه حول مكبّر الصوت: ذاك الجهاز التافِه العادي، ومنافعه وفضائله الكثيرة، وإمكانات توظيفه لخدمة الدين والدعوة، بشكل جامع مانع بدا لنا من أجله، كأنه يتحدّث عن فضائل أحد من الأئمة الأعلام: الحسن البصري، وعبد الله بن المبارك، والغزالي، وابن تيمية، ومن إليهم.