"صحيح البخاري"، و"صحيح مسلم"، و"سنن أبي داود"، و"سنن النسائي"، و"سنن الترمذي"، و"سنن ابن ماجه"، و"مشكاة المصابيح"، مع ما يغزز دراستها من كتب المصطلح وعلوم الحديث، كما قرأ عندهما كتب الفقه والتفسير والأدب المقرّرة بكاملها، وشيئا من العلوم العقلية.
ولما فاز بسند العلوم الشرعية والعقلية، متميّزا بمواهبه وجده على سواه من الطلبة النابهين، انتقل إلى "سهارنفور"، وجلس في مدرسة (مظاهر العلوم)، وحضر دروس الحديث الشريف عند العارف بالله الإمام المحدّث الفقيه مولانا خليل أحمد السهارنفوري، مؤلّف "بذل المجهود في شرح سنن أبي داود".
وبعد مدّة من ملازمته لهذا العارف المحدّث الإمام، أجازه بالحديث وعلومه وبسائر العلوم النقلية والعقلية، وفاز بسند الإتمام والفراغ من الدراسة العليا في سنة ١٣٢٨ هـ، فكانت سنّه حينئذ ابن ١٨ سنة، وهي سنّ صغيرة لا يرتقي فيها إلى ذروة هذه المرتبة إلا الأفذاذ النابغون.
وقد حضر في هذه المدّة أيضًا بعض كتب المنطق والهندسة والرياضي العالية، عند مدرّسيها في المدرسة المذكورة، ومنهم: مولانا عبد اللطيف ناظم المدرسة، ومولانا عبد القادر البنجابي.
ونظرا لمزيد تفوّقه وبالغ ذكائه ونبوغه عيّن مدرّسا في المدرسة المذكورة، فدرّس فيها زهاء سبع سنين: علم الفقه والأصول، والمنطق والفلسفة وغيرها، ثم انتقل منها إلى مدرسة (إمداد العلوم) في "تهانه بهون"، واشتغل بتدريس كتب السنّة المقرّرة هناك، وهي الكتب السبعة التي سبق ذكرها، وبتدريس الفقه والتفسير، فأفاد، وأجاد، وتخرّج على يديه جموع من العلماء الأفذاذ، نشروا العلم في تلك الربوع، وأناروا مسالك الشريعة للناس.
ثم فوّض إليه مولانا حكيم الأمة تأليف كتاب "إعلاء السنن" مع الإفتاء والتدريس، فقام بكلّ ذلك خير قيام، وبقي في تأليف "إعلاء السنن"