البلاد والعباد، ولم يزل في اجتهاد من الجهاد، لم يرجع إلى مقرّ ملكه وسلطته بعد أن خرج منه، وكلما فتح بلادا شرع في فتح أخرى، حتى لحقتْ حدود ملكه في الجهة الشمالية إلى حدود "خيوا" و"بخارا"، وفي الجهة الجنوبية إلى البحر المحيط الهندي، وفي الجهة الغربية إلى "سومنات" على شاطئ بحر "الهند"، وفي الجهة الشرقية إلى "بوري" منتهى أرض "أريسه".
وكان عالمغير عالما ديّنا، تقيّا، متورّعا، متصلّبا في المذهب، ويتديّن بالمذهب الحنفي، لا يتجاوز عنه في قول ولا فعل، وكان يعمل بالعزيمة، وكان يصلّي الصلوات المفروضة في أوائل أوقاتها بالجماعة في المسجد مهما أمكن، ويقيم السنن والنوافل كلّها، ويصلّي صلاة الجمعة في الجامع الكبير، ولو كان غائبا عن البلدة لأمر من الأمور يأتيها يوم الخميس، ويصلّي صلاة الجمعة، ثم يذهب حيث شاء.
وكان يصوم في رمضان في شدة الحر، ويحيي الليالي بالتراويح، ويعتكف في العشرة الأخيرة من رمضان في المسجد، وكان يصوم يوم الاثنين والخميس والجمعة في كلّ أسبوع من أسابيع السنة، ويصوم في أيام ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصوم فيها.
وكان يخرج الزكاة من أمواله قبل أن يجلس على سرير الملك، وبعده مما خصّ لنفسه من عدة قرى، وبعض معادن الملح للمصارف الخاصّة من نقير وقطمير.
وكان يريد أن يرحل إلى الحرمين الشريفين للحجّ والزيارة في أيام والده، فلم يرض بفراقه، وبعد ذلك لم تمهله المصالح الملكية، ولكنه كان يرسل الناس إلى الحرمين الشريفين للحجّ والزيارة، ويبذل عليهم العطايا الجزيلة، ويبعث إليهما أموالا طائلة لأهل الحوائج في أيام الحجّ بعد سنة أو سنتين، ويؤظّف الذاكرين والذاكرات، ويجعل لهم الأرزاق السنية.